الفكر وعظمة العقل وإمداد الوحي أن يؤسس حكومة تقوم على الأسس الإسلامية المتينة في أرض الجزيرة العربية التي لم تكتحل عينها قبل ذلك برؤية حكومة مركزية شاملة، ليتمكن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) أن يطبق تعاليم الاسلام ويقيم للعالم بأسره نموذجا حيا للمدينة الفاضلة قائمة على الحكم الإسلامي.
والحقيقة أن الاسلام الذي جاء به الرسول (صلى الله عليه وآله) لا يمكن تحقيقه إلا من خلال حكومة إسلامية تقوم بتطبيقه.
ولكن أعداء الاسلام شنوا الحروب والفتن بحيث وقعت ثمانون حربا وغزوة خلال عشر سنوات، ولكن المؤمنين جاهدوا وبذلوا الدماء رخيصة في حرب بدر واحد و... وسقط شهداء كرام من أجل دحر الأعداء وإحراز النصر المؤزر، إلى أن فتحت مكة المكرمة في العام الهجري الثامن.
واستطاعت هذه الحكومة أن تسيطر على كامل شبه الجزيزة العربية فآمنت القبائل العربية وحتى أولئك الأعداء الذين كادوا الاسلام وحاربوه بكل ما يستطيعون وعلى رأسهم أبو سفيان وحزبه خضعوا أخيرا للإسلام - على كره - وتركوا الحرب المعلنة والمكشوفة.
* * * ومن الواضح أن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وهو الذي قد شيد صرح هذه الحكومة الشامخة وتحمل في سبيل حفظها وتعزيزها ألوان الصعاب وضحى بخيرة أصحابه وأعزهم عليه، ليعلم جيدا بحجم المشاكل والصعوبات التي ستواجهها هذه الحكومة في مسيرتها المستقبلية.
إنه ليرى المنافقين الذين خلقوا الفتن والعراقيل في مسار الاسلام طيلة عشر سنين وحاولوا الإطاحة بهذه الحكومة جهد ما يستطيعون.
وكذلك يرى الطلقاء وحزب أبي سفيان الذين بهرتهم عظمة الاسلام فخضعوا