الشداد القحاط، يكال به الطعام وقوله (انكم لسارقون) تورية على وجه المصلحة اي سرقتم يوسف.
ثم قال علي بن إبراهيم: فلما رجعوا إلى أبيهم وأخبروه بخبر أخيهم قال يعقوب (بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل عسى الله ان يأتيني بهم جميعا.) يعني يوسف وبنيامين ويهودا الذي تخلف بمصر، ثم تولى عنهم وقال: (يا أسفي على يوسف وابيضت عيناه من الحزن) يعني عميت من البكاء (فهو كظيم) اي محزون الأسف أشد الحزن.
وسئل أبو عبد الله عليه السلام ما بلغ من حزن يعقوب على يوسف؟ فقال:
حزن سبعين ثكلى بأولادها، وقال: ان يعقوب لم يعرف الاسترجاع، فمنها قال:
وا أسفا على يوسف.
أقول: جاء في الحديث: لم تعط أمة من الأمم: انا لله وانا إليه راجعون، عند المصيبة الا أمة محمد صلى الله عليه وآله، الا ترى إلى يعقوب حين اصابه ما أصاب لم يسترجع، وقال يا أسفا، وذلك لما جاء في الحديث من أن المسترجع عند المصيبة يبنى له بيت في الجنة وكلما ذكر المصيبة واسترجع كان له مثل ثوابه عند الصدمة الأولى.
ثم اعلم: انه اختلف في قوله: (وابيضت عيناه من الحزن) كما أن الشيعة اختلفوا في أنه هل يجوز على الأنبياء مثل هذا النقص في الخلقة.
قال امين الاسلام الطبرسي: لا يجوز لأن ذلك ينفر.
وقيل يجوز ان لا يكون فيه تنفير ويكون بمنزلة سائر العلل والأمراض انتهى فمن قال لا يجوز ذلك يقول إنه ما عمى، ولكنه صار بحيث يدرك ادراكا ضعيفا، ويأول بأن المراد انه غلبة البكاء وعند غلبة البكاء يكثر الماء في العين، فتصير العين كأنها ابيضت من بياض ذلك الماء، ومن يجوز ذلك يحملها على ظاهرها.
والحق انه لم يقم دليل على امتناع ذلك، حتى يحتاج إلى تأويل الآيات والأخبار الدالة على حصوله على أنه يحتمل، كما قيل إن يكون على وجه لا يكون