الباب الأول في قصص آدم وحواء وأولادهما وفيه فصول:
الفصل الأول (في فضلهما والعلة في تسميتهما وبدؤ خلقهما وسؤال الملائكة في ذلك) قال الله تعالى (وإذ قال ربك للملائكة اني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني اعلم ما لا تعلمون. وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء ان كنتم صادقين قالوا سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا انك أنت العليم الحكيم.
قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم اني اعلم غيب السماوات والأرض واعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون).
(أقول) الخليفة من ينوب عن غيره والهاء للمبالغة وهذه الآية وما بمعناها دالة على أن الغرض والمقصود من خلق آدم عليه السلام ان يكون خليفة في الأرض لمن تقدمه من الجان وليس المقصود من خلقه ان يكون في الجنة، نعم كان الأولى به الا يفعل ما فعل وينزل من الجنة عزيزا كريما على خلع الجنة وعلى زوجته ثياب حور العين والملائكة يزفونه ويسجدون له في الجنة.
واما قول الملائكة أتجعل فيها فهو تعجب اما من أن يستخلف لعمارة الأرض واصلاحها من يفسد فيها، واستكشاف عما خفي عليهم من الحكمة التي غلبت تلك المفاسد واستخبار عما يزيح شبههم وليس باعتراض على الله ولا طعن في بني آدم وعلى وجه الغيبة كما توهمه من جوز الذنوب على الملائكة فإنهم اجل وأعلى من أن يظن بهم ذلك. وانما عرفوا ذلك باخبار من الله أو تلق من اللوح المحفوظ