وقوله: (لا تدخلوا من باب واحد) المشهور بين المفسرين انه انما قال ذلك لما خاف عليهم من العين.
وقيل: لما اشتهروا بمصر بالحسن والجمال واكرام الملك لهم خاف عليهم حسد الناس.
ثم إن العبد مأمور بملاحظة الأسباب وعدم الاعتماد عليها والتوكل على الله قال أولا ما يلزمه من الحزم والتدبير، ثم تبرأ من الاعتماد على الأسباب بقوله:
" وما اغنى عنكم من الله من شئ ".
فخرجوا وخرج معهم بنيامين وكان لا يؤاكلهم ولا يجالسهم ولا يكلمهم.
فلما دخلوا على يوسف وسلموا، نظر يوسف إلى أخيه فعرفه، فجلس منهم بالبعيد، فقال يوسف: أنت أخوهم؟ قال نعم. قال فلم لا تجلس معهم؟ قال لأنهم أخرجوا أخي عن أبي وأمي، ثم رجعوا وزعموا أن الذئب اكله فآليت على نفسي ان لا اجتمع معهم ما دمت حيا، قال فهل تزوجت وولد لك؟ قال نعم، ثلاث بنين سميت واحدا منهم الذئب وواحدا منهم القميص وواحدا الدم، قال وكيف اخترت هذه الأسماء؟ قال لئلا انسى أخي، كلما دعوت واحدا من ولدي ذكرت أخي.
قال يوسف لهم: اخرجوا وحبس بنيامين، فلما خرجوا من عنده، قال يوسف لأخيه: انا أخوك يوسف فلا تبتئس بما كانوا يفعلون، ثم قال له: انا أحب ان تكون عندي؟ فقال لا يدعوني اخوتي؟ فان أبي قد اخذ عليهم ميثاق الله ان يردوني إليه، قال: انا احتال بحيلة فلا تخبرهم بشئ. فقال لا فلما جهزهم بجهازهم وأحسن إليهم، قال لبعض قوامه: اجعلوا هذا الصاع في رحل هذا، وكان الصاع الذي يكيلون به من ذهب، فجعلوه في رحله من حيث لم يقف عليه اخوته، فلما ارتحلوا بعث إليهم يوسف وحبسهم، ثم امر مناديا ينادي أيتها العير انكم لسارقون، فقال اخوة يوسف ماذا تفقدون؟ قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وانا به زعيم - أي كفيل - فقال اخوة يوسف تالله لقد علمتم، ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين. قال يوسف: فما جزاؤه إن كنتم كاذبين؟