(وجدها تغرب) أي كأنها تغرب.
(في عين حمئة) وان كانت تغرب وراءها لان الشمس لا تزايل الفلك فلا تدخل في عين الماء، ولكن لما بلغ ذلك الموضع تراءى له كأن الشمس تغرب في عين كما أن من كان في البحر يراها كأنها تغرب في الماء من كان في البر يراها كأنها تغرب في الأرض الملساء.
والعين الحمئة ذات الحماة وهي الطين الأسود المنتن والحامية الحارة.
وعن كعب قال أجدها في التوراة تغرب في ماء وطين.
(علل الشرايع والأمالي) مسندا إلى وهب قال: وجدت في بعض كتب الله تعالى ان ذا القرنين لما فرغ من عمل السد انطلق على وجهه، فبينما هو يسير وجنوده إذ مر على شيخ يصلي فوقف عليه بجنوده حتى انصرف من صلاته فقال له ذو القرنين كيف لم يرعك ما حضرك من جنودي؟ قال كنت أناجي من هو أكثر جنودا منك واعز سلطانا وأشد قوة ولو صرفت وجهي إليك لم أبلغ حاجتي قبله فقال ذو القرنين هل لك في أن تنطلق معي فأواسيك بنفسي وأستعين بك على بعض أمري؟ قال نعم ان ضمنت لي أربعة خصال: نعيما لا يزول وصحة لا سقم فيها وشبابا لا هرم فيه وحياة لا موت فيها، فقال له ذو القرنين وأي مخلوق يقدر على هذه الخصال؟ فقال له الشيخ فاني مع من يقدر عليها ويملكها وإياك. ثم مر برجل عالم فقال لذي القرنين اخبرني عن شيئين منذ خلقهما الله عز وجل قائمين؟ وعن شيئين مختلفين؟ وعن شيئين جاريين؟ وعن شيئين متباغضين.
فقال له ذو القرنين: اما الشيئان الجاريان فالشمس والقمر، واما الشيئان المختلفان فالليل والنهار، واما الشيئان المتباغضان فالموت والحياة.
فقال انطلق فإنك عالم. فانطلق ذو القرنين يسير في البلاد حتى مر بشيخ يقلب جماجم الموتى فوقف عليه بجنوده فقال: له اخبرني أيها الشيخ لأي شئ تقلب هذه الجماجم؟ فقال لأعرف الشريف من الوضيع والغني من الفقير فما عرفت واني لأقلبها منذ عشرين سنة فانطلق ذو القرنين وتركه، فقال ما عنيت بهذا أحدا غيري.