هذا ثم قبض روحه بين السماء الرابعة والخامسة، وهو قوله تعالى: (ورفعناه مكانا عليا). قال وسمى إدريس لكثرة دراسته الكتب، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله انزل الله على إدريس ثلاثين صحيفة. وعن أمير المؤمنين عليه السلام ان إدريس (ع) رفعه الله مكانا عليا وأطعمه من تحف الجنة بعد وفاته.
وفى (قصص الأنبياء) للشيخ الراوندي طاب ثراه باسناده إلى أبى جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان ملكا من الملائكة كانت له منزلة فأهبطه الله من السماء إلى الأرض فاتى إدريس فقال اشفع لي عند ربك، فصلى ثلاث ليال لا يفتر وصام أيامها لا يفطر ثم طلب إلى الله في السحر للملك فاذن له في الصعود إلى السماء فقال له الملك أحب ان أكافيك فاطلب حاجة فقال تريني ملك الموت لعلي آنس به فإنه ليس يهنئوني مع ذكره شئ، فبسط جناحه ثم قال اركب فصعد به فطلب ملك الموت في سماء الدنيا فقيل انه قد صعد فاستقبله بين السماء الرابعة والخامسة فقال لملك الموت ما لي أراك قاطبا قال أتعجب انى كنت تحت ظل العرش حتى أمرت ان اقبض روح إدريس بين السماء الرابعة والخامسة فسمع ذلك إدريس فانتفض من جناح الملك وقبض ملك الموت روحه مكانه، وذلك قوله تعالى (واذكر في الكتاب إدريس انه كان صديقا نبيا ورفعناه مكانا عليا). وفى الكتاب أيضا باسناده إلى ابن عباس قال: كان إدريس النبي عليه السلام يسبح النهار ويصومه ويبيت حيث ما جنه الليل ويأتيه رزقه حيث ما أفطر، وكان يصعد له من العمل الصالح مثل ما يصعد لأهل الأرض كلهم فسال ملك الموت ربه في زيارة إدريس وان يسلم عليه فاذن له فنزل واتاه فقال انى أريد ان أصحبك فأكون معك، فصحبه وكانا يسبحان النهار ويصومانه فإذا جنهما الليل اتى إدريس فطوره فيأكل ويدعو ملك الموت إليه فيقول لا حاجة لي فيه، ثم يقومان يصليان وإدريس يصلى ويفتر وينام وملك الموت يصلى ولا ينام ولا يفتر فمكثا بذلك أياما ثم انهما مرا بقطيع غنم وكرم قد أينع فقال ملك الموت هل لك ان تأخذ من ذلك حملا أو من هذا عناقيد فتفطر عليه فقال سبحان الله أدعوك