فسألوه ان يقيم معهم ويسأل الله ان يتوب عليهم فأوحى الله إليه: إني قد تبت عليهم على أن يدخلوا مصر، وحرمتها عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض عقوبة لقولهم (إذهب أنت وربك فقاتلا) فدخلوا كلهم في التوبة والتيه إلا قارون.
فكانوا يقومون في أول الليل ويأخذون في قراءة التوراة، فإذا أصبحوا على باب مصر دارت بهم الأرض فردتهم إلى مكانهم، وكان بينهم وبين مصر أربع فراسخ، فبقوا على ذلك أربعين سنة.
فمات هارون وموسى في التيه، ودخلها أبناؤهم وأبناء أبنائهم.
وروى الثعلبي عن محمد بن قيس قال: جاء يهودي إلى علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: يا أبا الحسن ما صبرتم بعد نبيكم إلا خمسا وعشرين سنة حتى قتل بعضكم بعضا قال بلى ولكن ما جف أقدامكم من البحر حتى قلتم يا موسى إجعل لنا إلها كما لهم آلهة. وفي حديث آخر: انه عليه السلام قال له: إنا لم نختلف في نبينا ولكنا اختلفنا عنه.
وعن ابن عباس قال: قال بنو إسرائيل لموسى عليه السلام حين جاز بهم البحر: خبرنا يا موسى بأي قوه وبأي عدة تبلغ الأرض المقدسة ومعك الذرية والنساء والزمني فقال موسى عليه السلام: ما اعلم قوما ورثهم الله من عرض الدنيا ما ورثكم وسيجعل الله لكم مخرجا، قالوا فادعه يطعمنا ويسقينا ويظلنا فأوحى الله تعالى إلى موسى: قد أمرت السماء ان تمطر عليهم المن والسلوى وأمرت الريح ان تشوي لهم السلوى وأمرت الحجارة ان تنفجر وأمرت الغمام ان تظلهم وسخرت ثيابهم ان تنبت بقدر ما ينبتون فلما قال موسى ذلك سكنوا، فسار بهم إلى الأرض المقدسة وهي فلسطين.
وانما قدسها: لان يعقوب صلوات الله عليه ولد بها وكان مسكن أبيه إسحاق ويوسف صلوات الله عليهما، ونقلوا كلهم بعد الموت إلى ارض فلسطين.
(العياشي) عن داود الرقي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كان أبو جعفر عليه السلام يقول: نعم الأرض الشام وبئس القوم أهلها وبئس البلاد