الفصل الثاني في معنى قول سليمان: (رب هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي) وفي قصة مروره بوادي النمل وفي قوله تعالى:
(فطفق مسحا بالسوق والأعناق) (معاني الأخبار وعلل الشرايع) باسناده إلى علي بن يقطين قال: قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر (ع) أيجوز ان يكون نبي الله بخيلا؟ فقال لا، قلت له فقول سليمان: (رب هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي) ما وجهه ومعناه؟ فقال: الملك ملكان، ملك مأخوذ بالغلبة والجور وإجبار الناس، وملك مأخوذ من قبل الله تعالى ذكره، كملك آل إبراهيم وملك طالوت وملك ذي القرنين فقول سليمان: (رب هب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي) انه يقول: انه مأخوذ بالغلبة والجور وإجبار الناس، فسخر الله عز وجل له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب وجعل غدوها شهرا ورواحها شهرا، وسخر الله عز وجل له الشياطين كل بناء وغواص، وعلم منطق الطير ومكن في الأرض في وقته وبعده ان ملكه لا يشبه ملك الملوك المختارين من قبل الناس والمالكين بالغلبة والجور.
فقلت له: فقول رسول الله صلى الله عليه وآله: رحم الله أخي ما كان أبخله فقال: لقوله عليه السلام وجهان:
أحدهما - ما كان أبخله بعرضه وسؤال قوله فيه.
والوجه الآخر - يقول ما كان أبخله، ان كان أراد ما يذهب إليه الجهال.
ثم قال عليه السلام: قد والله أوتينا ما أوتي سليمان وما لم يؤت أحد من الأنبياء.