أشجار الجنة كان كل نوع منها يحمل نوعا من الثمار المأكول وكانت هذه الشجرة وجنسها تحمل البر والعنب والتين والعناب وسائر أنواع الثمار والفواكه والأطعمة فلذلك اختلف الحاكمون بذكر الشجرة. فقال بعضهم هي برة وقال آخرون هي عنبة وقال آخرون هي عنابة. وقال الله ولا تقربا هذه الشجرة تلتمسان بذلك درجة محمد وآل محمد في فضلهم فان الله عز وجل خصهم بهذه الدرجة دون غيرهم وهي الشجرة التي من تناول منها بإذن الله الهم على الأولين والآخرين من غير تعلم ومن تناول بغير اذن الله خاب من مراده وعصى ربه فتكونا من الظالمين بمعصيتكما والتماسكما درجة قد أؤثر بها غيركما إذا رمتما بغير حكم الله قال الله تعالى فأزلهما الشيطان عنها عن الجنة بوسوسته وغروره بان بدأ بآدم فقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة الا ان تكونا ملكين ان تناولتما منها تعلمان الغيب وتقدران على ما يقدر عليه من خصه الله تعالى بالقدرة أو تكونا من الخالدين لا تموتان ابدا وكان إبليس بين لحيي الحية أدخلته الحية وكان آدم يظن أن الحية هي التي تخاطبه ولم يعلم أن إبليس قد اختبي بين لحييها فرد آدم على الحية أيتها الحية هذا من غرور إبليس كيف أروم التوصل إلى ما منعني ربي وأتعاطاه بغير حكمه فلما ايس إبليس من قبول آدم عاد ثانية بين لحيي الحية فخاطب حوا من حيث يوهمها ان الحية هي التي تخاطبها وقال يا حوا أرأيت هذه الشجرة التي كان الله حرمها عليكما قد أحلها لكما بعد تحريمها لما عرف من حسن طاعتكما له وذلك أن الملائكة الموكلين بالشجرة التي معها الخراب يدفعون عنها سائر حيوانات الجنة لا يدفعونكما عنها ان رمتما فاعلما بذلك انه قد أحل لكما وابشري بأنك ان تناولتها قبل آدم كنت أنت المسلطة عليه الآمرة الناهية فوقه فقالت حوا سوف أجرب هذا فرامت الشجرة فأرادت الملائكة ان يدفعوها عنها بحرابها فأوحى الله إليها انما تدفعون بحرابكم من لا عقل له يزجره واما من جعلته متمكنا مميزا مختارا فكلوه إلى عقله الذي جعلته حجة عليه فان أطاع استحق ثوابي وان عصى وخالف أمري استحق عقابي فتركوها ولم يتعرضوا لها بعد ما هموا بمنعها بحرابهم فظنت ان الله نهاهم عن منعها
(٥٤)