وبين المشرق من الأمم، فيفعل بهم ما فعل بأمم المغرب، حتى إذا فرق ما بين المشرق والمغرب عطف نحو الروم الذي ذكره الله عز وجل في كتابه فإذا هو بأمة (لا يكادون يفقهون قولا) وإذا ما بينه وبين الروم مشحون من أمة يقال لها يأجوج ومأجوج أشباه البهائم يأكلون ويشربون ويتوالدون وهم ذكور وإناث وفيهم مشابهة من الناس الوجوه والأجساد والخلقة ولكنهم قد نقصوا في الأبدان نقصا شديدا وهم في طول الغلمان لا يتجاوزون خمسة أشبار وهم على مقدار واحد في الخلق والصور عراة حفاة لا يغزلون ولا يلبسون ولا يحتذون، عليهم وبر كوبر الإبل يواريهم ويسترهم من الحر والبرد ولكل واحد منهم أذنان إحداهما ذات شعر والأخرى ذات وبر ظاهرهما وباطنهما ولهم مخالب في موضع الأظفار وأضراس وأنياب كالسباع، وإذا نام أحدهم افترش إحدى اذنيه والتحف الأخرى فتسعه لحافا، وهم يرزقون نون البحر كل عام يقذفه عليهم السحاب، فيعيشون به ويستمطرون في أيامه كما يستمطر الناس المطر في أيامه، فإذا قذفوا به أخصبوا وسمنوا وتوالدوا وأكثروا فأكلوا منه إلى الحول المقبل ولا يأكلون منه شيئا غيره وإذا أخطأهم النون جاعوا وساحوا في البلاد فلا يدعون شيئا اتوا عليه الا أفسدوه وأكلوه وهم أشد فسادا من الجراد والآفات وإذا أقبلوا من ارض إلى ارض جلى أهلها عنها وليس يغلبون ولا يدفعون حتى لا يجد أحد من خلق الله موضعا لقدمه ولا يستطيع أحد ان يدنو منهم لنجاستهم وقذارتهم فبذلك غلبوا وإذا أقبلوا إلى الأرض يسمع حسهم من مسيرة مائة فرسخ لكثرتهم، كما يسمع حس الريح البعيدة ولهم همهمة إذا وقعوا في البلاد كهمهمة النحل، الا انه أشد وأعلى وإذا أقبلوا إلى الأرض حاشوا وحوشها وسباعها حتى لا يبقى فيها شئ، لأنهم يملأون ما بين أقطارها ولا يتخلف وراءهم من ساكن الأرض شئ فيه روح الا اجتلبوه وليس فيهم أحد الا وعرف متى يموت وذلك من قبل انه لا يموت منهم ذكر حتى يولد له الف ولد ولا تموت أنثى حتى تلد الف ولد، فإذا ولدوا الألف، برزوا للموت وتركوا طلب المعيشة.
ثم انهم أجفلوا في زمان ذي القرنين يدورون أرضا أرضا وأمة أمة