حجتي على جميع الخلائق ما بين الخافقين من مطلع الشمس إلى مغربها، وهذا تأويل رؤياك. فقال ذو القرنين: إلهي انك ندبتني لأمر عظيم لا يقدر قدره غيرك فأخبرني عن هذه الأمة باية قوم أكاثرهم وبأي عدد أغلبهم وبأية حيلة أكيدهم وبأي لسان أكلمهم وكيف لي بأن اعرف لغاتهم؟ فأوحى الله تعالى إليه: اشرح لك صدرك فتسمع كل شئ واشرح لك فهمك فتفقه كل شئ واحفظ عليك فلا يعزب منك شئ وأشد ظهرك فلا يهولك شئ وأسخر لك النور والظلمة اجعلهما جندين من جنودك النور يهديك والظلمة تحوطك وتحوش عليك الأمم من ورائك فانطلق ذو القرنين برسالة ربه عز وجل، فمر بمغرب الشمس فلا يمر بأمة من الأمم الا دعاهم إلى الله عز وجل فان أجابوه قبل منهم وان لم يجيبوه أغشاهم الظلمة، فاظلمت مدنهم وقراهم وحصونهم وبيوتهم وأغشت أبصارهم ودخلت على أفواههم وآنافهم، فلا يزالون فيها متحيرين حتى يستجيبوا لله عز وجل.
(حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجد عندها...) الآية التي ذكرها الله عز وجل في كتابه، ففعل بهم مع غيرهم حتى فرغ مما بينه وبين المغرب.
ثم مشى على الظلمة ثمانية أيام وثمان ليال وأصحابه ينظرونه حتى انتهى إلى الجبل الذي هو محيط بالأرض كلها، فإذا بملك من الملائكة قابض على الجبل وهو يسبح الله، فخر ذو القرنين ساجدا، فلما رفع رأسه، قال له الملك: كيف قويت يا بن آدم على أن تبلغ هذا الموضع ولم يبلغه أحد من ولد آدم قبلك؟ قال ذو القرنين: قواني على ذلك الذي قواك على قبض هذا الجبل وهو محيط بالأرض كلها قال له الملك صدقت، لولا هذا الجبل لانكفأت الأرض بأهلها وليس على وجه الأرض جبل أعظم منه وهو أول جبل أسسه الله عز وجل، فرأسه ملصق بالسماء الدنيا وأسفله بالأرض السابعة السفلى وهو محيط به كالحلقة، وليس على وجه الأرض مدينة الا ولها عرق إلى هذا الجبل، فإذا أراد الله عز وجل ان يزلزل مدينة فأوحى الله إلى فحركت العرق الذي يليها فزلزلتها.
ثم رجع ذو القرنين إلى أصحابه، ثم عطف بهم نحو المشرق يستقري ما بينه