فقال له: ان علم ما تريد عندي، ففرح ذو القرنين، فقال الغلام: اني وجدت في كتاب آدم الذي كتب يوم سمي ما في الأرض من عين أو شجر فوجدت فيه: ان لله عينا تدعى عين الحياة بظلمة لم يطأها انس ولا جان، ففرح ذو القرنين وقال له الغلام: انها على قرن الشمس - يعني مطلعها - ففرح ذو القرنين وبعث إلى أهل مملكته فجمع أشرافهم وعلمائهم فاجتمع إليه الف حكيم وعالم.
فلما اجتمعوا تهيأوا للمسير فسار يريد مطلع الشمس يخوض البحار ويقطع الجبال، فسار اثنتي عشرة سنة حتى انتهى إلى طرف الظلمة فإذا هي ليست بظلمة ليل ولا دخان، فنزل بطرفها وعسكر عليها وجمع أهل الفضل من عسكره فقال: اني أريد ان اسلك هذه الظلمة؟ فقالوا: انك تطلب أمرا ما طلبه أحد قبلك من الأنبياء والمرسلين ولا من الملوك؟ قال: انه لابد لي من طلبها. قالوا إنا نعلم أنك إن سلكتها ظفرت بحاجتك ولكنا نخاف هلاكك. قال: ولا بد من أن أسلكها، ثم قال: أخبروني بأبصر الدواب؟ قالوا الخيل الإناث البكارة، فأصاب ستة آلاف فرس في عسكره، فانتخب من أهل العلم ستة آلاف رجل، فدفع إلى كل رجل فرسا وكان الخضر على مقدمته في الفي فارس، فأمرهم ان يدخلوا الظلمة، وسار ذو القرنين في أربعة آلاف وامر أهل عسكره ان يلزموا معسكره اثنتي عشرة سنة فان رجع هو إليهم والا لحقوا ببلادهم، فقال الخضر: أيها الملك إنا نسلك في الظلمة لا يرى بعضنا بعضا كيف نصنع بالضلال إذا أصابنا؟ فأعطاه ذو القرنين خرزة حمراء كأنها مشعلة لها ضوء، فقال: خذ هذه الخرزة فإذا أصابكم الضلال فارم بها إلى الأرض فإنها تصيح فإذا صاحت رجع أهل الضلال إلى صوتها، فأخذها الخضر ومضى في الليلة وكان الخضر يرتحل وينزل ذو القرنين، فبينا الخضر يسير ذات يوم إذ عرض له واد في الظلمة فقال لأصحابه: قفوا في هذا الموضع ونزل عن فرسه فتناول الخرزة ورمى بها، فأبطأت عنه بالإجابة حتى خاف ان لا تجيبه، ثم اجابته، فخرج إلى صوتها فإذا هي العين وإذا ماؤها أشد بياضا من اللبن وأصفى من الياقوت وأحلى من العسل، فشرب منها، ثم خلع ثيابه فاغتسل