فيها ولبس ثيابه، ثم رمى بالخرزة نحو أصحابه فأجابه، فخرج إلى أصحابه وركب وأمرهم بالمسير فساروا، ومر ذو القرنين بعده فأخطأ الوادي، فسلك تلك الظلمة أربعين يوما، ثم خرجوا بضوء ليس بضوء نهار ولا شمس ولا قمر ولكنه نور، فخرجوا إلى ارض حمراء رملة، كانت حصاها اللؤلؤ، فإذا هو بقصر مبني على طول فرسخ، فجاء ذو القرنين إلى الباب فعسكر عليه، ثم توجه (بوجهه - نسخة -) وحده، إلى القصر، فإذا طائر وإذا حديدة طويلة، قد وضع طرفاها على جانب القصر والطير اسود معلق في تلك الحديدة بين السماء والأرض كأنه الخطاف، فلما سمع خشخشة ذي القرنين قال: من هذا؟ قال: انا ذو القرنين. فقال: يا ذا القرنين لا تخف وأخبرني. قال: سل. قال: هل كثر في الأرض بنيان الآجر والجص؟ قال: نعم. فانتفض الطير وامتلأ حتى ملأ الحديد ثلثها، فخاف منه ذو القرنين، فقال: لا تخف وأخبرني. قال: سل. قال: هل كثرت المعارف؟ قال: نعم. قال: فانتفض الطير وامتلأ حتى ملأ الحديدة ثلثيها، فخاف منه ذو القرنين، فقال: لا تخف وأخبرني. قال: هل ارتكب الناس شهادة الزور في الأرض؟ قال: نعم. فانتفض انتفاضة وانتفخ، فسد ما بين جداري القصر، فامتلأ ذو القرنين منه خوفا فقال: لا تخف وأخبرني. قال: سل. قال:
هل ترك الناس شهادة: لا إله إلا الله؟ قال: لا. فانضم ثلثه، ثم قال يا ذا القرنين لا تخف وأخبرني. قال: سل. قال: هل ترك الناس الصلاة؟ قال: لا. فانضم ثلث آخر، ثم قال: يا ذا القرنين لا تخف وأخبرني هل ترك الناس الغسل من الجنابة؟ قال: لا. فانضم حتى عاد إلى الحالة الأولى فإذا هو بدرجة مدرجة إلى أعلى القصر، فقال الطير: اسلك هذه الدرجة، فسلكها وهو خائف حتى استوى على ظهرها فإذا هو بسطح ممدود مد البصر وإذا رجل شاب ابيض (مضئ) الوجه عليه ثياب بيض وإذا هو رافع رأسه إلى السماء ينظر إليها، واضع يده على فيه فلما سمع خشخشة ذي القرنين قال: من هذا؟ قال: انا ذو القرنين قال يا ذا القرنين ما كفاك ما وراك حتى وصلت إلي؟ قال ذو القرنين ما لي أراك واضعا يدك