والقول الرابع - ان ذا القرنين ملك من الملائكة.
والقول الأول أظهر، للدليل الذي ذكرناه وهو: ان مثل هذا الملك العظيم يجب ان يكون معلوم الحال وهذا الملك العظيم هو الإسكندر فوجب ان يكون المراد بذي القرنين هو الا ان فيه اشكالا قويا وهو: انه كان تلميذا لأرسطا طاليس الحكيم وكان على مذهبه، فتعظيم الله إياه يوجب الحكم بان مذهب أرسطا طاليس حق وصدق وذلك مما لا سبيل إليه.
المسألة الثالثة - اختلفوا في أن ذا القرنين هل كان من الأنبياء أم لا؟ منهم من قال إنه كان من الأنبياء. واحتجوا عليه بوجوه:
الأول - قوله تعالى: (إنا مكنا له في الأرض) والأولى حمله على التمكين في الدين، والتمكين الكامل في الدين هو النبوة.
الثاني - قوله تعالى: (وآتيناه من كل شئ سببا) وهذا يدل على أن الله تعالى آتاه من النبوة سببا.
والثالث - قوله تعالى: (يا ذا القرنين اما ان تعذب واما ان تتخذ فيهم حسنا) والذي يتكلم الله معه لابد وأن يكون نبيا. ومنهم من قال: انه كان عبدا صالحا وما كان نبيا.
أقول: المستفاد من الاخبار كما قال شيخنا المحدث: انه غير الإسكندر وانه كان في زمن إبراهيم عليه السلام وانه أول الملوك بعد نوح عليه السلام.
واما استدلاله فلا يخفى ضعفه بعد ما عرفت من أن الملوك المتقدمة لم تضبط أحوالهم بحيث لا يشذ عنهم أحد، وأيضا الظاهر من كلام أهل الكتاب الذين يعولون عليهم في التواريخ عدم الاتحاد، والظاهر من الاخبار أيضا انه لم يكن نبيا ولكن كان عبدا صالحا مؤيدا من عند الله تعالى.
وروى حذيفة قال: سألت النبي صلى الله عليه وآله عن يأجوج ومأجوج فقال: يأجوج أمة ومأجوج أمة كل أمة أربعمائة أمة لا يموت الرجل منهم حتى ينظر إلى الف ذكر من صلبه، كل قد حمل السلاح. قلت يا رسول الله صفهم لنا؟