فبينما هو يسير إذ وقع إلى الأمة العالمة من قوم موسى الذين يهدون بالحق وبه يعدلون فلما رآهم قال لهم أيها القوم أخبروني بخبركم، فإني قد درت الأرض شرقها وغربها وبرها وبحرها فلم الق مثلكم فأخبروني ما بال قبور موتاكم على أبواب بيوتكم؟ قالوا لئلا ينسى الموت ولا يخرج ذكره من قلوبنا. قال فما بال بيوتكم ليس عليها أبواب؟ قالوا ليس فينا لص ولا ظنين - اي متهم - وليس فينا الا امين قال فما بالكم ليس عليكم امراء؟ قالوا لا نتظالم. قال فما بالكم ليس بينكم حكام؟
- يعني القضاة - قالوا لا نختصم. قال فما بالكم ليس فيكم ملوك؟ قالوا لا نتكاثر.
قال فما بالكم لا تتفاضلون ولا تتفاوتون؟ قالوا من قبل إنا متواسون متراحمون.
قال فما بالكم لا تتنازعون ولا تختلفون؟ قالوا من قبل إلفة قلوبنا، وصلاح ذات بيننا. قال فما بالكم لا تسبون ولا تقتلون؟ قالوا من قبل انا غلبنا طبائعنا - يعني بالعزم - ومسسنا أنفسنا بالحكم، قال فما بالكم كلمتكم واحدة وطريقتكم مستقيمة؟
قالوا من قبل انا لا نتكاذب ولا نتخادع ولا يغتاب بعضنا بعضا قال فأخبروني لم ليس فيكم مسكين ولا فقير؟ قالوا من قبل انا نقسم بالسوية. قال فما بالكم ليس فيكم فظ ولا غليظ؟ قالوا من قبل الذل والتواضع. قال فلم جعلكم الله أطول الناس أعمارا؟ قالوا من قبل انا نتعاطى الحق ونحكم بالعدل. قال فما بالكم لا تقحطون؟ قالوا من قبل انا لا نغفل عن الاستغفار. قال فما بالكم لا تحزنون؟
قالوا من قبل انا وطنا أنفسنا على البلاء فعزينا أنفسنا. قال فما بالكم لا تصيبكم الآفات؟ قالوا من قبل انا لا نتوكل على غير الله عز وجل ولا نستمطر بالانواء والنجوم. قال فحدثوني أيها القوم هكذا وجدتم آباءكم يفعلون؟ قالوا:
وجدنا آباءنا يرحمون مسكينهم ويواسون فقيرهم ويعفون عمن ظلمهم ويحسنون إلى من أساء إليهم ويستغفرون لمسيئهم ويصلون أرحامهم ويؤدون أمانتهم ويصدقون ولا يكذبون فأصلح الله لهم بذلك أمرهم. فأقام عندهم ذو القرنين حتى قبض وله خمسمائة عام.
(تفسير علي بن إبراهيم) باسناده إلى الصادق عليه السلام: قال إن ذا القرنين