قال: فلما قرأ يوسف بن عمر هذا الكتاب تغير وجهه وامتلأ غيظا وغضبا، ثم قدم هذا الرجل الذي معه الكتاب فضرب عنقه صبرا (1)، وبعث إلى عامله بالكوفة الحكم بن الصلت فأمره أن يطوف بالكوفة بالليل وأن يستبحث بالنهار عن زيد بن علي. قال: وبلغ ذلك زيد بن علي فخاف على نفسه أن يؤخذ قبل الاجل الذي كان بينه وبين أهل السواد فلم يدر ما يصنع، قال: وأقبل إليه نفر من أصحابه الذين كانوا قد بايعوه فقالوا له (2): إنا قد بايعناك وإنا نحن خارجون معك، ولكن ما تقول في هذين الرجلين الظالمين أبي بكر وعمر؟ فقال زيد بن علي: مهلا لا تقولوا فيهما إلا خيرا، فإني لا أقول فيهما إلا خيرا، ولا سمعت من آبائي أحدا يقول فيهما إلا خيرا. قال فقال له القوم: فترى أن بني أمية ما ظلموك؟ فقال زيد بن علي: ليس القياس في ذلك بسواء، إن بني أمية قتلوا جدي الحسين بن علي رضي الله عنه وحملوا رأسه إلى الشام، وقتلوا أهل المدينة ونهبوها ثلاثة أيام، ثم رموا بيت الله الحرام بالحجارة والعذرة والنار، وأبو بكر وعمر لم يفعلا من ذلك شيئا. قال:
فغضب القوم ثم قالوا: إن جعفر بن محمد هو أحق بهذا الامر منك، ثم تركوه وصاروا إلى جعفر بن محمد بالمدينة، فدخلوا وسلموا عليه وقالوا: يا بن رسول الله! إنا كنا بايعنا عمك زيد بن علي وهممنا بالخروج معه، ثم إنا سألناه عن أبي بكر وعمر فذكر أنه لا يقول فيهما إلا خيرا، قال: فقال جعفر بن محمد: وأنا لا أقول فيهما إلا خيرا، فاتقوا الله ربكم، وإن كنتم بايعتم عمي زيد بن علي ففوا له بالبيعة وقوموا بحقه، فإنه أحق بهذا الامر من غيره ومني. قال: فرجع القوم إلى الكوفة وجاؤوا حتى دخلوا على زيد بن علي.
قال: فجمع للقوم الحكم بن الصلت كل فارس مذكور من أهل الكوفة فأدخلهم إلى المسجد يوم الثلاثاء قبل خروج زيد بن علي بيوم واحد، وخرج زيد ليلة الأربعاء (3) من دار معاوية بن إسحاق بن زيد بن حارثة ومعه ثمانية عشر رجلا وقد