بدا من ذلك، فعزم على الرحيل إلى المدينة، ثم تجهز وخرج، وأرسل معه يوسف بن عمر برجل يبلغه العذيب (1). قال: فسار زيد بن علي من الكوفة حتى صار إلى العذيب ورجع عنه رسول يوسف بن عمر، وخرجت الشيعة خلف زيد بن علي فلحقوه بالمغيثة (2) فقالوا: أين تذهب يا بن رسول الله وتذر الكوفة ولك بها مائة ألف سيف يقاتلون عنك بني مروان؟ ننشدك الله إلا ما رجعت! فوالله لو أن قبيلة واحدة من قبائلنا همت أن تقاتل عنك أجناد الشام لما كبر ذلك عليهم. قال: فلم يزالوا به حتى أنعم لهم زيد بن علي في ذلك، فانصرفوا عنه إلى الكوفة على أن يرجع إليهم. قال: وأقبل عليه محمد بن عمر فقال: أنشدك الله يا بن رسول الله إلا لحقت بأهلك وصرت إلى المدينة ولا تقبل مقالة أحد من هؤلاء الذين يدعونك إلى ما يدعونك إليه! فإني أخاف أنهم لا يفون لك بما يقولون.
قال: فلم يقبل زيد من محمد بن [عمر بن] (3) علي ما قال له وأقبل راجعا إلى الكوفة، فدخل مستخفيا ونزل عند رجل من شيعته يقال له نصر بن خزيمة العبسي. قال: وعلمت الشيعة بذلك فجعلوا يختلفون إليه باللطف والبر من كل ناحية، وهم في ذلك يكتمون أمره خوفا من يوسف بن عمر الثقفي. قال: وأقبلت إليه امرأة من الأزد يقال لها أم عمرو بنت الصلت (4) ومعها بر لطيف، فدخلت إليه وسلمت عليه، وكانت امرأة وسيمة من النساء، فلما نظر إليها زيد بن علي وكلمها رآها فصيحة الكلام حلوة المنطق، فقال لها زيد: من أنت أيتها الامرأة؟ فقالت:
أنا امرأة من الأزد، فقال زيد بن علي: ألك زوج؟ قالت: لا يا بن رسول الله! ما لي زوج، فقال لها زيد: فهل لك أن تزوجيني نفسك؟ فقالت: والله إن فيك لرغبة لو أردت التزويج، قال زيد: فما الذي يمنعك من ذلك؟ قالت: والله إن فيك لرغبة لو أردت التزويج، قال زيد: فما الذي يمنعك من ذلك؟ قالت: جعلت فداك! فأنا أعرف بنفسي، فإنه يمنعني من ذلك كبر سني، فقال زيد: كلا ما أنت عندي كما تقولين ورضيت بك، فقالت: أنا أعرف بنفسي بما أتت علي من السنين. ولو كنت مزوجة مدى الدهر ما عدلت بك أحدا، ولكن لي ابنة وهي أجمل مني وأنا أزوجكها إن أحببت ذلك! فقال زيد: فقد أحببت ذلك إن كانت مثلك، فقالت: جعلت