دللتني عليه نجوت وإلا قتلتك وأحرقتك بالنار، فاختر من ذلك ما أحببت! قال:
فكأن الغلام جزع من القتل والحرق فقال: نعم هو مدفون بالسبخة في موضع كذا وكذا، قال: فأرسل يوسف بن عمر إلى ذلك الموضع فنبش ذلك الموضع عن زيد بن علي، فأخذ وصلب بالكناس، إلى جنبه نصر بن خزيمة العبسي ومعاوية بن إسحاق بن زيد بن حارثة وزياد بن عبد الله الفهري (1). قال: وبلغ ذلك كميت بن زيد الأسدي الشاعر وهو يومئذ في منزله، فبكى بكاء شديدا، ثم أنشد يقول: (2) أتاني ابن النبي فلم أجبه * أيا لهبي على القلب الفروق حذار منية لابد منها * وما دون المنية من طريق قال: ثم أقبل يوسف بن عمر من الحيرة حتى دخل الكوفة فلم يكذب أن صار إلى المسجد الأعظم فدخل وصعد المنبر، فشتم علي بن أبي طالب وولده رضي الله عنهم أجمعين شتما قبيحا، ثم شتم أهل الكوفة وأوقع بهم، وقال (3): أبشروا يا أهل الكوفة بالذل والصغار! فوالله لأحرمنكم العطاء ولأفعلن بكم ولأصنعن! قال:
فتهددهم بأشد التهدد وتوعدهم بأعظم الوعيد ثم نزل عن المنبر وأمره بتفتيش الدور، فكان لا يؤتى بأسير ولا جريح إلا قتله وأحرقه بالنار. ثم أرسل إلى امرأة زيد بن علي فأتي بها، فلما دخلت عليه قال لها: يا عدوة الله! تزوجت زيد بن علي؟ فقالت: نعم والله تزوجت بزيد بن علي! ثم قال: خرقوا عليها الثياب، وعلي بالسياط! فقالت امرأة زيد: ويلك يا عدو الله! إني امرأة ليس يجب علي أن تخرق ثيابي، فقال: دعوا كلامها شقوا ثيابها! وأخذتها السياط من كل ناحية، فقالت:
ويلك! إني إحدى خالاتك، إني امرأة من الأزد وأمك امرأة من الأزد، فقال يوسف بن عمر: لعن الله من أنت خالته! فقالت: نعم ولعن الله من هي أقل نسبا منك أمك! فقال يوسف بن عمر للجلادين: اقتلوها! فجعل القوم يضربونها أشد ضرب يكون وهي تقول: ويلك! ما أنت حر، ما أنت من الحرب، والقتل بالسيف يا بن عبد آل ثمود! فلم يزل كذلك حتى ماتت - رحمهما الله -! ثم أمر بها فألقيت على قارعة الطريق، فجاء إليها قوم من بني عمها في جوف الليل فحملت ودفنت.