إلى العراق، وكان من أمر هؤلاء ما كان، وهذا حديث عظيم قد أتيناه ولم نجد بدا من ذلك، وليست لنا العراق بعد هذا اليوم بدار، فارجعوا بنا إلى خراسان، فإن متنا متنا كراما.
قال: فعزم القوم على ذلك ثم ساروا يريدون الجوزجان، وبلغ ذلك نصر بن سيار فاغتم غما شديدا ثم قال: هذا من فعال أمير المؤمنين وجنايته علينا وعلى نفسه، وأما أنا فقد كنت حازم الرأي على أن يخرج يحيى بن زيد من سجني أبدا إلا على قفاه. قال: ثم جعل نصر بن سيار يرثي عمرو بن زرارة ومن قتل معه في ذلك اليوم وأنشأ يقول:
ألموا (1) بالقبور فودعوها * وأقر قبورهم عني السلاما ولو سمع السلام لرد عمرو * ولكن لا يطيقون الكلاما هم صدعوا الفؤاد وأوجعتني * مصائبهم (2) غداة لقوا الحماما قال: ثم خرج نصر بن سيار يريد يحيى بن زيد وعلى مقدمته خليفة له يقال له سالم (3) بن أحوز المازني في ثلاثة آلاف ونصر بن سيار في سبعة آلاف من ورائه حتى وافوا يحيى بن زيد قد التأم إليه سبعمائة فارس من أهل البصائر والنجدة والشجاعة.
قال: ونزل يحيى بن زيد بقرية من قرى جوزجان يقال لها أرغونة (4)، ونزل سالم بن أحوز في عشرة آلاف، ودنا القوم من القوم، وذلك في أول النهار، وجعل يحيى بن زيد يحمل عليهم بسيفه ويطردهم بين يديه وهو يقول:
أنا ابن أمي وأبي * أنا ابن فاطمة وعلي قال: واشتد القتال بين الفريقين إلى أن حانت الظهر، فصاح يحيى بن زيد:
يا هؤلاء! هذا وقت الصلاة فأمهلونا حتى نصلي وتصلون أيضا إن كنتم من أهل الصلاة! قال فقال سالم بن أحوز: صدق الرجل فذروه فليصل وتصلون أنتم أيضا.
قال: فدخل يحيى بن زيد وأصحابه إلى حديقة عظيمة وفيها نهر يجري فتوضأوا