عامته وهو ي خلال ذلك يرفع صوته ويقول: أيها الناس! إنكم قد بايعتمونا وأخذنا عليكم العهود والمواثيق أنه قد جاء الحق وزهق الباطل! قال: فكان الرجل منهم يسمع النداء وهو في منزله وهو لا يخرج، فقال زيد بن علي: ما أخلفكم! قد فعلتموها يا أهل الكوفة! قال: واشتبك الحرب بين الفريقين ونادى منادي يوسف بن عمر: ألا! من جاء برأس زيد بن علي فله ألف درهم، ومن جاء بأسير فله مثل ذلك، قال: وكان يوسف بن عمر لا يأتي بأسير إلا ضرب عنقه وأحرقه بالنيران، وزيد بن علي يقاتل هو وأصحابه، وابنه يحيى يقاتل من جانب آخر، وليس يزيد أصحابه على ما هم عليه. فلما رأى ذلك أقبل على نصر بن خزيمة: جعلت فداك يا بن رسول الله! أما والله لأضربن بين يديك بسيفي هذا أبدا حتى أموت!
فاحمل بنا يا بن رسول الله حملة لعلنا أن نقرب من المسجد الأعظم فننادي الناس بالخروج إلينا فإنهم محصورون! قال: فجعل زيد بن علي يحمل على هؤلاء القوم وأصحابه معه، ويدنون رويدا رويدا حتى صاروا قريبا من دار حريث بن عمرو المخزومي فقاتل هنالك ساعة، وحمل عليه أهل الشام حتى بلغوا به وبأصحابه إلى دار عمر (2) بن سعد بن وقاص، واشتد الحرب هنالك ساعة، ثم حمل عليهم زيد بن علي في أصحابه حتى بلغ بهم إلى المسجد الأعظم، ثم دفعهم دفعة أخرى حتى أخلاهم من المسجد، وأقبل حتى وقف على باب الفيل وجعل ينادي في المسجد ممن هو من شيعتهم ويقول: ويحكم يا أهل الكوفة! أخرجوا من الذل إلى العز! اخرجوا من الفقر إلى الغنى! أخرجوا من الضلالة إلى الهدى! اخرجوا إلى (3) الدين والدنيا! فلستم في دين ولا دنيا، ويحكم! أنا زيد بن علي بن الحسين، أنا الذي بايعتموني بالأمس! اخرجوا بارك الله فيكم! قال: فهم من كان في المسجد أن يكسروا باب المسجد ويخرجوا إلى زيد بن علي، فصعد أهل الشام على سطح المسجد فجعلوا يرمونهم بالحجارة والنشاب، واشتبك الحرب على باب المسجد، فقتل نصر بن خزيمة العبسي وهو أجل من كان مع زيد بن علي. قال: ثم قتل من