بعماله إلى جميع البلاد، ثم أرسل إلى يزيد بن خالد القسري فأشخصه إليه من البصرة، فاستأداه جميع ما عليه من الأموال، وجعل يعذبه بأنواع العذاب لكي يستصفيه الأموال، فقال له يزيد: أيها الأمير! لا تعجل علي بالقتل فإن لي مالا على قوم كنت استودعتهم إياه، وأرجو أن آخذه منهم فأدفعه إليك! فقال له يوسف: ومن هؤلاء الذين تذكر أنك استودعتهم هذا المال؟ فقال: أصلح الله الأمير! أولهم زيد بن علي بن حسين بن علي ومحمد بن عمر (1) بن علي بن أبي طالب وداود بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب وإبراهيم بن سعد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري وأيوب بن سلمة بن عبد الله المخزومي (2).
قال: وكان هؤلاء القوم يومئذ بالشام عند هشام بن عبد الملك فكتب يوسف بن عمر إلى هشام بن عبد الملك فخبره بذلك، فأرسل هشام إلى هؤلاء القوم فدعاهم وذكر لهم ما كتب به إليه يوسف بن عمر مما ادعى عليهم يزيد بن خالد القسري، فأنكروا ذلك وقالوا: يا أمير المؤمنين! ما له قبلنا دعوى ولا طلبة، ولعله إنما أراد أن يتبرد بنا من ذلك العذاب الذي هو فيه. قال هشام: فإني باعث بكم إلى يوسف بن عمر ليجمع بينكم وبين صاحبكم، فقال له زيد بن علي: أنشدك الله يا أمير المؤمنين والرحم أن تبعث بي إلى يوسف بن عمر! فإني أخاف أن يتعدى علي. قال هشام:
ولم يتعدى عليك وليس له ذلك؟ قال: ثم أمر هشام كاتبه فكتب إلى يوسف بن عمر (3): أما بعد فقد وجهت إليك بالقوم الذين ادعى عليهم يزيد بن خالد ما ادعى، فإذا قدموا عليك فاجمع بينهم وبين صاحبهم، فإن هم أقروا (4) بما ادعى عليهم فوجه بهم إلي، وإن هم أنكروا فسله البينة عليهم، فإن لم يقم البينة فاستحلفهم بعد صلاة العصر يوم الجمعة في مسجد الجامع بالله الذي لا إله إلا هو إنه ما استودعهم يزيد بن خالد وديعة ولا له مال عليهم لا قليل ولا كثير! فإذا حلفوا فخل سبيلهم - والسلام -.
قال: فقال القوم: يا أمير المؤمنين! إنا نخاف أن يتعدى علينا يوسف بن عمر، فقال هشام: كلا إني باعث معكم رجلا لا يقدم عليكم بشيء من المكروه.