بعده معاوية بن إسحاق بن زيد بن حارثة وهو صاحب منزل زيد بن علي، وقتل أيضا زيادة بن عبد الله الفهري (1) وجماعة من أصحاب زيد بن علي فحملت رؤوسهم إلى يوسف بن عمر. قال: ثم صاح زيد بأصحابه فحمل وحملوا معه على أهل الشام فهزموهم حتى بلغوا بهم إلى السبخة. قال: واشتد الحرب هنالك فقتل من أصحاب زيد بن علي سبعون رجلا (2)، وجرح منهم بشر وثبت زيد بن علي فيمن معه هنالك، فلم يزل يقاتلهم هو وابنه يحيى ومن معه إلى أن جاء وقت المساء.
قال: وتقدمت الناشبة من أصحاب يوسف بن عمر فأفرغوا سهامهم بين أيديهم. وجعلوا يرمون رميا شديدا متداركا، وليس يقصدون بسهامهم غير زيد بن علي، وزيد يحمل عليهم كالليث المغضب، ولا يشبه في حملاته إلا بالحسين رضي الله عنه، فبينما هو كذلك إذا بسهم قد أقبل حتى وقع في جبهته فغرق في رأسه (3)، فسقط زيد عن فرسه وهو لما به وذلك في المساء، فاحتمل حتى أدخل إلى دار رجل من أهل همدان (4)، وهرب ابنه يحيى حتى دخل إلى دار رجل من الشيعة، وتفرق أصحابه هاربين في السكك والمحال حتى صاروا إلى منازلهم مجروحين لما بهم. قال: وأتي زيد بن علي بالطبيب (5) لينزع السهم من جبهته، فلما نزع السهم فلم يلبث أن شهق شهقة فارق الدنيا - رضي الله عنه -! فكفن في ثيابه واحتمل في جوف الليل حتى دفن في السبخة ولم يعلم أحد في ذلك الوقت بموضع قبره.
قال: وأصبح يوسف بن عمر من الغد وقد بلغه أن زيد بن علي قد مات وأنه دفن في جوف الليل فلم يعلم بموضعه، فأقبل إليه رجل من بطانته فخبره أن غلاما لزيد (6) بن علي مجروح في بعض الدور، فقال يوسف بن عمر: علي به! فأتي بذلك الغلام جريحا فقال يوسف بن عمر: لمن أنت؟ فقال لزيد بن علي، فقال:
هل لك علم بزيد بن علي أين دفن؟ فقال: لا أيها الأمير! فقال: ويلك! إنك إن