قال: ثم أرسل عدو الله لعنه الله إلى رجل من خيار الأزد يقال له القاسم بن عمرو. فقال: أنت الذي دخلت في تزويج زيد بن علي فزوجته؟ قال: نعم، كان ذلك، وليس عن مثل زيد بن علي رغبة وهو من ولد فاطمة وعلي. قال: جردوه!
فجردوه وأخذته السياط، قال: فجعل الشيخ يقول: يا يوسف بن عمر القصاص!
ماذا تكون حجتك غدا بين يدي الله وقد قتلت نفسا بغير حق! قال: فلم يزل الأزدي يقول ذلك حتى فاضت نفسه - رحمة الله عليه -! قال: فقتل يوسف بن عمر من شيعة آل محمد خلقا كثيرا - رحمة الله عليهم -!
قال: ثم كتب إلى هشام بن عبد الملك كتابا يحرضه فيه على خراب الكوفة وقتل أهلها واستئصالهم عن جديد الأرض. فكتب إليه هشام: أما بعد يا بن عمر فإن الامر ليس كما ذكرت في أهل الكوفة، وإن أهل الكوفة لنا سامعون مطيعون، ولولا قعودهم عن زيد بن علي وخذلانهم إياه لما قدرت عليه، فانظر إذا ورد عليك كتابي هذا فأطلقهم وأحسن إليهم ومن لهم بإعطائهم وزد لهم في جوائزهم وأرزاقهم، ولا تقصر لهم في شيء مما كتب به إليك - والسلام -. قال: فلما ورد كتاب هشام على يوسف بن عمر قرأه، ونادى في الناس فجمعهم إلى المسجد، ثم قام فيهم خطيبا فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما والله يا أهل الكوفة! ولو كان الامر إلي ما أمرت لكم بعطاء ولا بروث أبدا ما دمت لي ولاية بالعراق، ولكن الامر من أمير المؤمنين هشام، وقد أمر لكم بأرزاقكم، فكونوا علي في غد لتأخذوها.
قال: وبلغ ذلك جعفر بن محمد رضي الله عنه ما فعل به زيد بن علي رضي الله عنهما بالكوفة، فاستعبر باكيا ثم قال (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) (1). ثم قال جعفر ذهب والله عمي زيد وأصحابه على ما ذهب عليه جده علي والحسن والحسين عليهم السلام، شهداء من أهل الجنة، التابع لهم بإحسان مؤمن، والشام فيهم ضال، والراد عليهم كافر، وإنهم ليحشرون يوم القيامة أحسن الخلق زينة وهيئة ولباسا، الملائكة: هؤلاء خلف الخلف ورعاة الحق، ولا يزالون كذلك حتى ينتهى بهم إلى الفردوس الاعلى، فويل لقاتلهم من جبار الأرض والسماء.