اشتغل يرعى الدواب. قال: وأقبل ذلك الغلام الراعي وفي يده قوس له وسهام حتى وقف من وراء شجرة، ثم رمى أربيس بسهم له فقتله. قال: وتنازع أصحابه وقالوا بألسنتهم وكلامهم: قتل الملك! قال: وهرب الغلام الراعي حتى صار إلى القرية ثم إنه خبر إياهم بما فعل.
قال: فأقبل الراعي حتى دخل مدينة الباب والأبواب، ثم سار إلى أميرها أسيد بن زافر السلمي فخبره بذلك. قال: فركب أسيد بن زافر من ساعته في نفر من أصحابه حتى صار إلى الموضع فنظر إلى أربيس بن بسباس قتيلا، فأمر برفع رأسه ثم احتوى على قليله وكثيره ورجع إلى مدينة الباب، ثم دعا بابنه يزيد فدفع إليه الرأس فقال له: سر إلى الأمير مروان فضع الرأس بين يديه. قال: فسار يزيد حتى صار إلى مروان وهو نازل في بطن نهر السمور حذاء القلعة، فاستأذن يزيد بن أسيد على مروان فأذن له، فدخل وسلم، فقال له مروان: كيف أبوك يا يزيد؟ فقال: بخير أصلح الله الأمير! على أني جئتك ببشارة! قال: وما بشارتك؟ قال: رأس أربيس بن بسباس. قال: فجب مروان من ذلك ثم قال: ويحك! أربيس في قلعته وأنت قد أتيتني برأسه! قال: فخبره يزيد بن أسيد بأمر أربيس، فأمر مروان بالرأس فرفع على رمح له حذاء القلعة، ثم كبر المسلمون وأشرف أهل القلعة فنظروا إلى رأس صاحبهم أربيس، فأعطوا بأيديهم وذلوا وخضعوا، فأعطاهم الأمان وأقرهم في بلدهم ووظف عليهم في كل سنة عشرة آلاف (1) من الطعام يحمل إلى مدينة الباب (2).
قال: ثم سار مروان إلى بلاد أذربيجان فغزا أهل موقان وجيلان (3) والنهر والطالقان، وقتل منهم مقتلة عظيمة وسبى منهم نيفا على عشرة آلاف من نسائهم وأولادهم ففرقهم على أصحابه. ثم أقبل حتى نزل برذعة، وقد فتح أرمينية كلها وأذربيجان وجميع البلاد، فليس أحد يناويه في سلطانه. قال: وفي تلك السنة حبس كميت بن زيد (4) الأسدي رحمة الله عليه.