ولولا آل علقمة اجتدعنا * بأيدينا أنوف مصلتينا قال: وقع الخبر في السجن أن الكميت قد هرب، فوثب السجان فدخل السجن إلى الموضع الذي كان فيه الكميت فإذا هو بامرأة الكميت جالسة، فما نظر إليها صاحت صيحة وقالت: وراءك لا أم لك! قال: فعلم السجان أنه قد عمل عليه فخرق ثوبه وصاح ووضع التراب على رأسه ثم قال لأعوانه: ويلكم امرأة دخلت السجن فخدعتني وخدعتكم فأخرجت زوجها من السجن فجلست في موضعه وأنتم لا تعلمون! قال: وبلغ ذلك خالد بن عبد الله القسري فبعث إلى السجان فأحضره، ثم أمر به فجرد من ثيابه وضربه بالسياط ضربا شديدا حتى أنه قد قتله، ثم قال:
مثلك يكون على سجن أمير المؤمنين! قال: ثم بعث خالد إلى امرأة الكميت فأحضرها وقال لها: يا عدوة نفسها (1)! أخرجت الكميت من السجن وجلست في موضعه وهو طلبة أمير المؤمنين هشام بن عبد الملك؟ فقالت: نعم والله أخرجته ووقيته بنفسي، فاصنع ما بدا لك! قال: فتبسم خالد ثم قال: هكذا فلتكن الحرة، فأطلقها ولم يتعرض إليها إلا بسبيل خير (2)، ثم إنه أخذ الطرق على الكميت أياما كثيرة وليالي فلم يقع له على أثر فأمسك عنه، ثم كتب إلى هشام بن عبد الملك يخبره بذلك، وأن الكميت هرب من السجن، وخبر الامرأة وكيف خدعت السجان، فاغتاظ هشام من ذلك غيظا شديدا ولم يدر ما يصنع.
قال: وخرج الكميت من المنزل الذي كان فيه في جوف الليل بعد عشرين يوما ومعه نفر من بني عمه من بني أسد يريد أرض الشام، فأخذ على طريق السماوة (3) فكان يسير الليل فيهتدي بالنجوم، فإذا أصبح نزل، فلما كان في الليلة الثانية من مسيره وأصبح أقبل على من كان معه فقال: أبشروا فقد أمنتم! ثم سار مع أصحابه نهارا فإذا بشخص قد أقبل من البعد ففزع أصحابه وأوتروا قسيهم، فقال الكميت:
ما شأنكم؟ فقالوا: نرى شيئا مقبلا. قال: فنظر إليه الكميت ساعة ثم قال: لا عليكم هذا ذئب قد أتاكم، قال: وتقارب الذئب منهم فذهب بعض بني عمه ليرميه فقال الكميت: مهلا لا ترموه، فإنه إنما جاءكم مستطعما فأطعموه! قال: ثم التفت