قل لصاحبك هذا إنه ليس في دين الاسلام أن أحل الحرام ولا أن أحرم الحلال، فإن أسلمت حرمت عليك الميتة والدم ولحم الخنزير [و] كل شيء لا يذكر عليه اسم الله إذا ما ذبح. فلما قال ذلك الترجمان ذلك لخاقان قال خاقان لترجمانه: قل لهما عني: أنتم المسلمون حقا! قال: ثم أسلم خاقان ملك الخزر وأسلم معه خلق كثير من أهل بيته وأهل بلده (1). قال: فأقره مروان على ملكه ثم آخاه أخوة الاسلام وودعه وقبل هداياه، وسار راجعا يريد مدينة الباب والأبواب ومعه يومئذ سبي الكفار أربعون ألفا أو يزيدون، فأنزلهم مروان بموضع يقال له نهر السمور (2) إلى السهل من أرض الكر (3)، ثم إنه كتب إلى هشام بن عبد الملك يخبره بذلك، ووجه إليه الخمس من جميع ما أفاء الله عليه.
قال: وجاء الشتاء وأقام مروان تلك الشتوة بموضع يقال له كساك (4)، فلما انسلخ عنه الشتاء وجاء الربيع عزم على الدخول إلى أرض السرير (5)، وكتب إلى عامله أسيد بن زافر السلمي أن يوافيه إلى أرض السرير فيمن معه من الجند والمقاتلة. قال: ورحل مروان من كساك حتى عبر نهر الكر وصار إلى بلد يقال له شكى ومن شكى إلى أرض السرير، فصار إلى قلعة يقال لها قلعة البلال وهي قلعة منيعة وحصينة، فأقام عليها شهرا كاملا لا يصل إلى شيء منها، فلما كان بعد شهر دعا الحدادين فأمرهم أن يصنعوا له أعمدة من حديد على مثل السكك، ففعلوا ذلك، ثم أمرهم أن يتخذوا ألواحا من خشب، فلما فرغ له من ذلك أمر بالأعمدة فحملت على البغال، ثم أقبل إلى مؤخر القلعة ومعه يومئذ ثمانية آلاف رجل من نخبة عسكره عليهم الدروع والمغافر، فجعلوا يدخلون تلك الأعمدة ما بين حجارة السور واحدا حذاء الاخر، ثم وضع على عمودين لوح من خشب من تلك الألواح، وصعد