نزل بموضع يقال له كساك (1) على أربعين فرسخا من مدينة برذعة وعشرين فرسخا من تفليس، ثم جعل يقاتل ملوك أرمينية وبطارقتها حتى أذعنوا له بالسمع والطاعة. ثم إنه تقدم فجعل يفتح قلعة بعد قلعة حتى فتح قلاع أرمينية كلها، ثم كتب إلى جميع الأجناد الذين بالباب والأبواب أن يدخلوا بلاد الخزر وأن يوافوه بمدينة سمندر.
قال: ثم نادى مروان في أصحابه وسار حتى دخل باب اللان (2) فجعل يقتل ويسبي ويحرق حتى صار إلى سمندر وهي مدينة من مدائن الخزر. قال: ووافته عساكر المسلمين في خمسين ومائة ألف، فعندها عبى أصحابه هنالك تعبية حسنة ولم يترك معه قائدا ولا تابعا ولا خادما إلا ألبسه بيضة، وحمله رمحا وفي رأسه سنان كأنه شعلة نار. قال: وكان العسكر من شدة البريق لا يمر به طائر فيجاوزه حتى يسقط متحيرا من شدة بريقه وشعاعه. قال: ثم سار حتى انتهى إلى المدينة البيضاء التي يكون فيها خاقان ملك الخزر. قال: وهرب خاقان من بين يدي مروان حتى لحق بالجبال، ونجح مروان في بلاد الخزر بالمسلمين حتى جازهم فكان من ورائه، ثم إنه أغار على الصقالبة وما يليه من أصناف الكفار، وسبى منهم عشرين ألف أهل بيت.
ثم أقبل حتى نزل على نهر الصقالبة (3) ودعا برجل من شجعان أهل الشام يقال له الكوثر بن الأسود العنبري وكان على شرطته فقال له: ويحك يا كوثر! إنه قد جاءني عين فخبرني أن خاقان ملك الخزر قد وجه إلينا بطرخان من طراخنته يقال له هزار طرخان في أربعين ألفا من أبناء الطراخنة ولكن جز هذا النهر إلى ما قبلهم واكمن لهم في مثل عدتهم، فإذا أصبحت فإني موافيك إن شاء الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. قال فقال الكوثر: أصلح الله الأمير! إنا قد أمسينا وهذا وقت يختلط فيه الظلام، فليمهلني الأمير إلى غد. قال: فغضب مروان ثم قال: والله لئن لم تعبر الساعة هذا النهر لأضربن عنقك ولأقتلن أهل بيتك بأجمعهم، فاختر الان من أمرك ما أحببت! قال الكوثر: فإني أعبر أصلح الله الأمير! قال: ثم انتخب الكوثر