كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٨ - الصفحة ٢٣٨
صاروا من رستاق إلى رستاق حتى انحط الجراح وأصحابه على رستاق يقال له شكى (1). قال: وأدركهم الشتاء فأقام الجراح وأصحابه هنالك، ثم كتب إلى يزيد بن عبد الملك يخبره بما فتح الله على يده من الكفار ويسأله المدد. قال: فلما ورد كتاب الجراح على يزيد بن عبد الملك عزم أن يمده بخيل ورجال يقوى بهم على الخزر.
قال: وأرسل أيضا أهل العراق إلى يزيد بن عبد الملك يشكو عاملهم، فعزله وولى مكانه عمر بن يزيد بن هبيرة (2) الفزاري، قال: فقدم عمر بن يزيد عاملا على العراقين جميعا: البصرة والكوفة، ودان له الناس بالسمع والطاعة، والجراح بن عبد الله مقيم بأرض شكى يتوقع المدد بأن يأتيه من الشام، حتى إذا انقضى عنه الشتاء إذا الخبر قد ورد عليه بأن يزيد بن عبد الملك قد مات، وكان ملك يزيد بن عبد الملك أربع سنين وشهرا واحدا (3)، وتوفي ليلة الجمعة لأربع ليال بقين من شعبان سنة خمس (4) ومائة وهو يومئذ ابن أربعين سنة (5) - والله أعلم -. وصار الامر

(١) في ابن الأثير: (رستاق ملى) وفي معجم البلدان: شكى بفتح أوله وتشديد ثانيه... ولاية بأرمينية.
(٢) في الطبري، عمر بن هبيرة.
(٣) انظر في مدة ولايته الاخبار الطوال ص ٣٣٤ تاريخ اليعقوبي ٢ / ٣١٤ الطبري ٨ / ١٧٩.
(٤) عن الطبري ٨ / ١٧٩ وانظر تاريخ اليعقوبي ٢ / ٣١٤ والإمامة والسياسة ٢ / ١٤٢.
(٥) في مقدار عمره خلاف انظر مروج الذهب ٣ / ٢٣٩ الاخبار الطوال ص ٣٣٤ الطبري ٨ / ١٧٩.
قيل في موته أنه بقي بعد حبابة جاريته خمسة عشر يوما ومات ودفن إلى جانبها. وكان يزيد بن عبد الملك قد استسلم إلى غرائزه وشهواته ورغباته. وقد اتسمت ولايته بعناوين أبرزها:
- تشاغله عن مصالح الأمة وانغماسه باللهو والغناء والشراب والعبث وترك الدولة بكل مؤسساتها إلى الولاة والجواري بحيث أن حبابة جاريته كانت تعزل وتولي دون الرجوع إليه.
- عمد إلى كل الاجراءات والتنظيمات التي وضعها عمر بن عبد العزيز والتي لا توافق هواه فردها.
ومثال ذلك أنه كتب إلى عمال عمر بن عبد العزيز: أما بعد، فإن عمر كان مغرورا، غررتموه أنتم وأصحابكم، وقد رأيت كتبكم إليه في انكسار الخراج والضريبة، فإذا أتاكم كتابي هذا فدعوا ما كنتم تعرفون من عهده، وأعيدوا الناس إلى طبقتهم الأولى، أخصبوا أم أجدبوا، أحبوا أم كرهوا، حيوا أم ماتوا والسلام.
- بعث روح العصبية بين اليمنية والمضرية، مما جعلها تنخر في عظام الخلافة الأموية إلى أن قضت عليها. فانحاز إلى الجناح المضري (أحد جناحي النظام الأموي) وهدد مصالح الجناح اليمني.
- لسوء سياسته عاد الخوارج إلى التحرك.
- تعيين ولاة في الولايات اعتمدوا في سياستهم الإساءة إلى الموالي مما أدى إلى انتقاض الامن، وخروج الأطراف على الدولة، والكثير ارتدوا عن الاسلام.
- إهماله الجهاد وترك الغزو ومناضلة الأعداء.
(٢٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خلافة يزيد بن عبد الملك 217
2 ذكر فتنة يزيد بن المهلب وخروجه على يزيد بن عبد الملك 217
3 ذكر محاربة عدي بن أرطاة يزيد بن المهلب بالبصرة 218
4 ذكر فتنة يزيد بالبصرة 221
5 ثم رجعنا إلى فتوح خراسان وإرمينية وأذربيجان من فتوح الترك والخزر 232
6 ذكر دخول الجراح بن عبد الله الحكمي بلاد إرمينية وما كان منه في الخزر 234
7 ذكر محاربة الجراح بن عبد الله مع الخزر ومقتله رحمة الله عليه 241
8 ذكر أمر سعيد بن عمرو الحرشي وخروجه إلى الخزر 243
9 ذكر الرجل الرستاقي 245
10 ذكر ولاية مسلمة بن عبد الملك وعزل سعيد بن عمرو الحرشي عن البلاد 253
11 ذكر مسير مسلمة بن عبد الملك إلى جهاد الكفار ومحاربته لهم 254
12 ذكر حبس الكميت رحمة الله عليه 268
13 ذكر أخبار الكميت في أهل البيت رضي الله عنهم وهي أخبار حسان منتخبة 275
14 ذكر ولاية يوسف بن عمر الثقفي العراق وابتداء أمر زيد بن علي بن الحسين ومقتله 283
15 ابتداء خبر زيد بن علي بن الحسين رضي الله عنهم 285
16 ثم نذكر خبر يحيى بن زيد بن علي بعد ذلك وهربه من يوسف بن عمر إلى جوزجان ومقتله بها رضي الله عنه 295
17 ذكر امارة الوليد بن يزيد بن عبد الملك 298
18 ذكر سبب الاختلاف وسبب إمارته 302
19 ذكر ابتداء أمر الشراة وخروجهم في ولاية مروان بن محمد بن مروان 307
20 ابتداء خبر خراسان مع نصر بن سيار وجديع بن علي الكرماني وأبي مسلم عبد الرحمن بن مسلم 309
21 وهذا ابتداء خبر أبي مسلم من أوله 315
22 ذكر البيعة وعقد الخلافة لولد العباس بن عبد المطلب السفاح 328
23 ذكر حديث مروان وما كان منه بعد بيعة بني العباس للناس 330
24 ذكر مسير مروان بن محمد إلى محاربة ولد العباس رضي الله عنهم 331
25 ذكر مسير عبد الله بن علي في طلب مروان بن محمد بن مروان 333
26 ذكر مقتل مروان بن محمد 334
27 ذكر كتاب عبد الله بن علي إلى أمير المؤمنين أبي العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس 336
28 ذكر أخبار سديف بن ميمون مولى السجاد علي بن الحسين بن [علي بن] أبي طالب رضي الله عنهم وأشعاره الملاح بين يدي أمير المؤمنين 341
29 ذكر مسير أبي جعفر المنصور إلى يزيد بن عمر بن هبيرة ومحاربته له 345
30 ذكر كتاب الأمان الذي كتبه أبو جعفر ليزيد بن عمر بن هبيرة 346
31 ذكر خبر السيد بن محمد الحميري 348
32 خبر عبد الله بن سعد السعدي 348
33 ذكر مسير أبي جعفر المنصور إلى بلاد خراسان إلى أبي مسلم 349
34 ثم رجعنا إلى أخبار إرمينية وأذربيجان 350
35 خلافة أبي جعفر المنصور 352
36 ذكر خروج عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس على أبي جعفر المنصور بالشام 353
37 ذكر خروج أبي مسلم إلى عبد الله بن علي ومحاربته له 354
38 ذكر مقتل عبد الله بن المقفع 356
39 ذكر أبي مسلم ومخالفته على المنصور وما كان من أمره 357
40 ذكر كتاب أبي مسلم إلى المنصور 359
41 جوابه 360
42 ذكر قدوم أبي مسلم من خراسان على المنصور ومقتله بين يديه 361
43 ذكر فتح أبي جعفر المنصور إرمينية وأذربيجان 363
44 ذكر تزويج يزيد بن أسيد بن زافر السلمي إلى ملك الخزر 364
45 ذكر انتقاض الخزر على المسلمين بعد موت خاتون 365
46 ذكر موشابذ البطريق ومحمد بن الحسن بن قحطبة 367
47 ذكر وفاة أبي جعفر 368
48 خلافة المهدي 370
49 خلافة موسى الهادي بن المهدي 371
50 خلافة هارون الرشيد 372
51 حكاية الامام الشافعي مع الرشيد 375
52 وأيضا خبر الشافعي رحمة الله عليه 379
53 ثم رجعنا إلى أخبار الرشيد بن المهدي رضي الله عنه 380
54 ذكر أبي مسلم الشاري وخروجه على الرشيد 381
55 ذكر ولاية سعيد بن سلم بلاد إرمينية وما نزل بالمسلمين منه في ولايته 382
56 ذكر أخبار الرشيد التي كانت منه في آخر عمره 384
57 وهذه أخبار حسان من أخبار الرشيد 386
58 وهذا خبر آخر حسن 389
59 خبر خالصة وحديثها للأحمر 389
60 وهذا خبر حسن 391
61 ثم رجعنا إلى الخبر الأول من أمر الرشيد وابنيه محمد وعبد الله 392
62 ذكر خبر الأصمعي في قتل جعفر بن يحيى البرمكي 393
63 ذكر خبر رافع بن الليث بن نصر بن سيار وخروجه على الرشيد 396
64 ذكر وصية الرشيد عند موته 399
65 ذكر وفاة الرشيد ورؤياه قبل موته 400
66 خلافة محمد الأمين 402
67 ذكر خبر الشعراء الثلاثة وهم أبو نواس والرقاشي ومصعب مع محمد الأمين 404
68 ذكر المخالفة بينهما ومقتل الأمين 406
69 خلافة المأمون بن هارون الرشيد 417
70 ذكر خبر نصر بن شبث وخروجه على المأمون بن الرشيد 417
71 ذكر خروج طاهر بن الحسين على المأمون ووفاته 419
72 ذكر تزويج المأمون ببوران بنت الحسن بن سهل 423
73 ذكر خروج إبراهيم بن المهدي على المأمون 424
74 ذكر بلال الشاري وخروجه على المأمون 428
75 ذكر خروج المأمون إلى بلاد الروم 429
76 ذكر سيرة المأمون وما جمع فيه من مكارم الاخلاق 434
77 خلافة المعتصم بالله 436
78 ذكر تولية الأفشين ومحاربته بابك الخرمي، وتوليته إرمينية وأذربيجان 437