يقال له روباس (1) على فرسخين من مدينة الباب، فنزل هنالك حتى أرسل إلى ملوك الجبال، فأقبلوا إليه من كل ناحية.
فلما عزم على المسير إلى الخزر رحلت الخزر عن مدينة الباب حتى لحقوا بلادهم، وأقبل إلى الجراح بن عبد الله رجل من أهل تلك الناحية من أصحابه، فقال: أيها الأمير! أخبرك أن أربيس بن بسباس ملك بلاد الكر قد بعث إلى ملك الخزر يخبره بمسيرك إلى ما قبله فاعمل على حسب ذلك! قال: فأمر الجراح بن عبد الله مناديه فنادى في العسكر: ألا! إن الأمير مقيم ههنا ثلاثة أيام (2) فاستكثروا من الزاد والعلق والحطب وما تحتاجون إليه! قال: فنادى المنادي بذلك في العسكر، وأرسل أربيس بن بسباس إلى ملك الخزر. فلما كان الليل وهدأت العيون أمر الجراح بن عبد الله أصحابه بالرحيل نحو الباب والأبواب. قال: فرحل المسلمون في جوف الليل ولهم ثلاث مشاعل قد رفعت في عسكرهم: مشعلة عظيمة في أول العسكر، وأخرى مثلها في وسط العسكر، وأخرى في آخره. ثم ساروا حتى انتهوا إلى مدينة الباب والأبواب، فإذا ليس فيها أحد من الخزر، قال: فدخلها المسلمون وخرجوا من الباب الاخر. قال: فنزل الجراح بعسكره عند عين باب الجهاد على نصف فرسخ من مدينة الباب، فلما أصبح دعا برجل من أصحابه فضم إليه ثلاثة آلاف فارس، وقال له: سر حتى توافي أرض حداق (3) فلا تدعن لأهلها شيئا إلا أغرت عليه، واقتل من قاتلك وانظر لا تطلع الشمس إلا وأنت في عسكري معي على نهر الران. قال: وسار الجراح فيمن بقي معه وهم عشرون ألفا حتى نزل على نهر الران على ستة فراسخ من مدينة الباب. فلما أصبح قائداه (4) اللذان وجه بهما ومعهما نيف على عشرة آلاف فارس من الماشية وثلاثة آلاف رأس من السبي.
قال: وبلغ نارستيك ابن خاقان ملك الخزر بأن الجراح بن عبد الله نزل بنهر الران في خمسة وعشرين ألفا من العرب وأنه قد أغار وقتل وغنم غنائم كثيرة فنادى في أصحابه