دعوت الذي ناداه يونس بعد ما * هوى في ثلاث مظلمات ففرجا فأصبحت تحت الأرض قد سرت سيرة * وما سار سار مثلها حين أدلجا وما احتال محتال كحيلته التي * لها نفسه تحت الضريحة أولجا وظلماء تحت الأرض قد خفت هولها * وليل كليل الطيلساني أدعجا قال: وعلم خالد بن عبد الله القسري بهرب عمر بن يزيد، فوجه في طلبه برجل يقال له مالك بن المنذر بن الجارود العبدي، فخرج مالك بن المنذر في نفر من غلمانه حتى لحق عمر بن يزيد في بعض الطريق وهو يريد الشام فقتله، ثم رجع إلى خالد بن عبد الله فخبره ذلك. قال: وبلغ ذلك هشام بن عبد الملك فأرسل إلى مالك بن المنذر بن الجارود فأشخصه من العراق، فلما دخل عليه وسلم قال له هشام: لا سلم الله عليك ولا حياك ولا مرحبا بك ولا أهلا يا عدو الله! أقتلت عمر بن يزيد بن هبيرة! فوالله لقد كان خيرا منك أبا وأما وحسبا ونسبا وريشا وعقبا!
فقال مالك: ولم ذلك يا أمير المؤمنين؟ أو لست ابن المنذر بن الجارود؟ قال:
فغضب هشام من ذلك ثم أمر فوجئت عنقه وهشم أنفه وأدمي فوه، ثم أمر به إلى السجن فلم يزل يعذب بألوان العذاب حتى مات.
قال: ثم كتب هشام بن عبد الملك إلى الجراح وهو يومئذ مقيم بأرض شكى يأمره بمحاربة الخزر ويعده في كتابه أن يمده بجيش أهل الشام، قال: فطمع الجراح في ذلك ثم صار من أرض شكى حتى صار إلى حصن برذعة، ثم صار من هنالك إلى مدينة يقال لها البيلقان، ثم إلى مدينة ورثان (1)، وباجروان (2) ثم إلى أردبيل فنزل بها، وبها يومئذ خلق كثير من المسلمين يزيدون على ثلاثين ألفا.
قال: فنزلها الجراح ثم جعل يبث منها السرايا إلى موقان وجيلان وطالقان (3) فتغير وتأسر وتقتل وترجع السرايا إلى أردبيل، وبعث خاقان ملك الخزر إلى جميع أصناف الكفر ممن كان على دينه وملته فاستمدهم إلى حرب المسلمين فأجابوه إلى ذلك، فضمهم بأجمعهم إلى ابنه نارستيك بن خاقان وأمره بالمسير إلى أذربيجان لمحاربة الجراح بن عبد الله وأصحابه. قال: فسار نارستيك بن خاقان في ثلاثمائة ألف من