إلى أخيه هشام بن عبد الملك، فأقر الجراح بن عبد الله على بلاد أرمينية ووعده أن يمده بجيش لمحاربة الخزر، ثم إنه عزل عمر بن يزيد بن هبيرة عن العراق وولى مكانه خالد بن عبد الله القسري وأمره أن يوجه بأخيه أسد بن عبد الله عاملا على خراسان وأن يأخذ عمر بن يزيد بن هبيرة فيعذبه حتى يستخرج ما عنده من المال الذي أخذه من العراق. قال: فقدم خالد بن عبد الله القسري عاملا على العراق جميعا ونزل البصرة، ثم أخذ عمر بن يزيد بن هبيرة فجعل يعذبه بأنواع العذاب ويستأديه الأموال حتى شق ذلك على أهل البصرة مشقة شديدة، لان عمر بن يزيد قد كان محبا لأهل البصرة، فشق عليهم ما قد نزل به من ذلك العذاب فقال الفرزدق بن غالب في ذلك:
ألا قطع (1) الرحمن ظهر مطية * أتتنا تخطى (2) من دمشق بخالد وكيف يؤم الناس من كانت أمه * تدين بأن الله ليس بواحد (3) قال: وكان عمر بن يزيد إذا اشتد به ألم العذاب يصيح ويقول: يا هشام! يا هشام! المستغاث من عذاب خالد! فأنشأ نصر بن سيار الكناني يقول في ذلك:
أرى مضر المصرين قد ذل نصرها * ولكن عسى أن لا يذل سنامها فمن مبلغ بالشام قيسا وخندقا * أحاديث قد هاجت علينا سقامها دم ابن يزيد صار حلا لخالد * وفينا بقيات الهدى وإمامها أنقتل فيكم إن قتلنا عدوكم * على دينكم والحرب باد قتامها أثار بقتل ابن المهلب خالد * ألهفي لنفس ليس يهدى أنينها قال: وجعل عمر بن يزيد بن هبيرة يحتال ويتلطف وبذل ما يقدر عليه لمن معه في السجن حتى نقبوا له في السجن نقبا وجعلوا النقب على مثال السرب، فدخل عمر بن يزيد بن هبيرة من ذلك النقب ومر تحت الأرض حتى خرج من ذلك السرب فأفلت من السجن، فقال بعضهم في ذلك:
ولما رأيت الأرض قد سد ظهرها * ولم نر إلا تحتها لك مخرجا