هذا جيشا. قال: فأما سعيد بن عمرو فإنه سار حتى دخل بلاد خراسان فجعل يصالح البلاد ويتقدم حتى عبر نهر بلخ، ثم صار إلى بخارا فنزلها، ثم ارتحل منها إلى سمرقند فنزلها، وبلغه أن ملك فرغانة قد عاث في البلاد وأفسد، فصار إليه سعيد بن عمرو حتى دخل أرض فرغانة، ثم نزل على حصن من حصونهم حصين وفيه يومئذ جلنج ملك فرغانة (1). قال: فأقام سعيد بن عمرو الحرشي على ذلك الحصن محاصرا لجلنج، فأرسل إليه جلنج وصالحه على السمع والطاعة وعلى أن يؤدي إليه مائة ألف درهم، خمسين غلاما وخمسين جارية، وأن يخرج إلى سعيد بن عمرو فيضع يده في يده، فرضي سعيد بن عمرو بذلك. فلما كان الليل نام عامة المسلمين ولم يشعروا إلا وجلنج ملك فرغانة قد كبس العسكر في خمسة آلاف رجل من الكفار، فقتل من المسلمين جماعة قبل أن يركبوا، ثم ركب الناس خيولهم واستقبلوا بها الكفار بالسيوف والرماح والسهام. قال: فاجتمع الكفار على حرب المسلمين فاقتتلوا قتالا شديدا، وأمكن الله المسلمين منهم في وقتهم ذلك إلى أن أصبحوا قريبا من ثلاثة آلاف وقتل صاحبهم جلنج الملك. قال: وغنم المسلمون غنيمة حسنة، فقسمها سعيد بن عمرو في المسلمين بعد أن أخرج منها الخمس وبعث به إلى يزيد بن عبد الملك، فأنشأ نعيم بن دارم الفريعي يقول في ذلك:
لعمري لقد أردت سيوف سعيدنا * جلنجا فلم نبد بذلك مفخرا قتلنا جلنجا واستبحنا حريمه * بسمر ترى منها المدجج أزورا ضربناه أم الرأس والنقع ساطع * فخر صريعا للجبين مغفرا وكنا إذا رام العدو طلابنا * أبينا ويأبى أن نضام ونقبر قال: ثم إن يزيد بن عبد الملك عزل سعيد بن عمرو الحرشي وولى مكانه عبد الرحمن بن سليم الكلابي، ثم عزل عبد الرحمن بن سليم عن خراسان وولاه العراق ورد سعيد بن عمرو إلى خراسان، ثم عزل أيضا عبد الرحمن بن سليم عن العراق وولى مكانه ابن عمه عبد الملك بن بشر بن مروان من قبله. قال وولى عبد الملك بن بشر العراقين جميعا كما وليها أبو بشر بن مروان من قبله وكان عبد الملك بن بشر هذا جوادا سخيا لا يبقي على شيء، وهو الذي يقول فيه الشاعر: