سهل بن سنباط بقيد فقيده وشد يمينه إلى عنقه ثم ضمه إلى جماعة من أصحابه وبعث به إلى الأفشين، فلما نظر الأفشين إلى بابك فرح لذلك فرحا شديدا، ثم بعث إلى سهل بن سنباط بهدايا قيمتها ألف ألف درهم. قال: وبلغ المعتصم ما فعله سهل بن سنباط ببابك فأرسل إليه بتاج من ذهب مرصع بالدر والجوهر، فقوم ذلك فكان قيمته خمسمائة ألف درهم، ثم إنه بطرقه على جميع بطارقته. قال:
وحمل الأفشين ببابك إلى المعتصم فأمر به فضرب عنقه، وصلب بسر من رأى، وصلب أخوه ببغداد. وكان ظهور بابك سنة إحدى ومائتين.
وفي رواية أخرى: إن المعتصم عقد للأفشين على الجبال وحرب بابك وذلك يوم الخميس لليلتين خلتا من جمادي الآخرة فعسكر بمصلى بغداد. ووجه المعتصم أبا سعيد محمد بن يوسف إلى أردبيل وأمره أن يبني الحصون التي أخربها بابك بين زنجان وأردبيل. فبعث بابك سرية فهزمها محمد بن يوسف، فكانت أول هزيمة على أصحاب بابك. ولما صار الأفشين إلى برزند عسكر بها يوم الحصون.
وأنزل محمد بن يوسف بخش (1) وحفر فيه خندقا. وحمل المعتصم مع بغا الكبير مالا إلى الأفشين، فأراد بابك أن يكبسه فيأخذه، فوقعت محاربة عظيمة بين الأفشين وبابك، وانصرف بابك مخذولا وأراد أن يطول الامر على أفشين ولا يحاربه حتى تثلج تلك الجبال فيضطرب الأفشين إلى الهرب من شدة البرد. فقال بعض من في عسكر الأفشين: إني رأيت في المنام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أنت حاربت هذا الرجل وجددت في أمره وإلا أمرت الجبال أن ترميك بالحجارة، فتحدث الناس في العسكر علانية، فدعا الأفشين بهذا الرجل الذي ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه في المنام وقال له: الله يعلم نيتي للناس قبل هذا وما أريد بهذا الخلق، ولو أراد الله تعالى برجم الجبال لاحد لرجم الكفار وكفانا مؤنتهم. فقال رجل من الحاضرين: أيها الأمير! لا تحرمنا الشهادة إن كانت حضرت، فإنما قصدنا ثواب الله تعالى، دعنا وحدنا حتى نتقدم بإذنك، فلعل الله عز وجل أن يفتح على أيدينا، فقال الأفشين:
اعزموا على بركة الله وعونه أي يوم أردتم - ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فعبى الأفشين الجيوش، وأحدقت بالتل الذي عليه آذين (2) صاحب جيش بابك، وجعل على كل ناحية واحدا من أصحاب الجيوش مثل أبي سعيد وجعفر الخياط