وأحمد بن الخليل. فتقدم أبو سعيد في جماعة وحمل الناس حملة واحدة وكان آذين (1) قد هيأ فوق الجبل عجلا عليها صخر، فلما حمل الناس عليهم دفع العجل على الناس، فأفرج الناس له لما رأوا العجل قد خرج [من] الصخر.
فلما رأى بابك الناس قد أحدقوا به من كل جانب ولم تنفعه حيلته من العجل راسل الأفشين من حيث أن سمع كلامه أن يأخذ له أمانا من أمير المؤمنين، فوعده الأفشين بذلك، وطلب الرهائن على صدقه. والأفشين على ذلك إذ أقبلت البشارة أن أعلام المسلمين (2) قد دخلت البذ وصعدت قصور بابك، وكان قد كمن في قصور بابك ستمائة رجل، وهي أربعة قصور، ففتح الكمباء أبواب القصور وخرجوا رجالة يقاتلون الناس، ومر بابك خارجا على وجهه حتى دخل الوادي (3)، وأمر الأفشين النفاطين وأصحابه أن يضربوا البلد وتلك القصور بالنار، فأحرقت كلها وهدمها وجعلها قاعا صفصفا، وقتل أصحاب بابك الذين في القصور والبذ عن آخرهم، وسبى أولاد بابك وأهله، وهرب بابك إلى ناحية إرمينية، فكتب الأفشين إلى ملوكها وبطارقتها وأمرهم أن يحفظ كل واحد ناحيته (4) ولا يسلكها أحد إلا أخذوه حتى يعرفوه، فجاء الجواسيس إلى الأفشين فأخبروه بموضعه في الوادي وكان واديا كبيرا فيه العشب والشجر، طرفه بإرمينية وطرفه الاخر بأذربيجان ولم يمكن الخيل أن تنزل فيه، فاستخفى فيه لكثرة الشجر ومياهه وجعل الأفشين على كل طريق خيلا من أربعمائة إلى خمسمائة. فورد كتاب المعتصم مختوما بالذهب فيه أمان لبابك (5).
فدعا الأفشين رجلا يحمل إليه ذلك، فلم يجسر أحد أن ينزل به من أولاده ولا من أصحابه، فقام رجلان منهم فقالا: اضمن لنا أنك تجري على عيالنا رزقا، فضمن لهما ذلك، وأخذا الكتاب وتوجها به، وكتب معهما ابن بابك الكبير كتابا يعلمه الخبر ويسأله أن يصير إلى الأمان فهو أسلم له. فلما قرأ بابك كتاب ابنه ضرب عنق من حمله، وعلق كتاب الأمان على صدره ولم يفضه، وقال للاخر: اذهب إلى ابني