من معه من الخيل والجنود، فكيف يكتب إلي بكتاب يبدأ فيه باسمه قبل اسمي؟
قال: فقال الرسل: إن أعطيتنا الأمان تكلمنا! فقال: لكم الأمان، فقالوا: من قعد على سرير الملك فقد ساوى غيره من الملوك كائنا من كان، فغضب المأمون وقال:
لولا ما أعطيتكم الأمان لما رجع إلى صاحبكم منكم أحد، ولكن ارجعوا بغير جواب وإن كان ملكا يساوي غيره كما تقولون. فرجعت الرسل إلى توفيل فخبروه بما كان من كلام المأمون قال: وجمع المأمون عساكره وسار يريد بلاد الروم، فأقبل من ناحية طرسوس من درب يقال له درب السلام. ونزل على حصن يقال له أرطيعوا (1)، فلما هم بمحاربة أهله فلم يحاربون وطلبوا منه الأمان، فأحسن إليهم وردهم لحصنهم. ثم سار إلى أن نزل بحصن يقال له الأخرب فافتتحه صلحا.
ثم إنه سار حتى نزل على هرقلة في جميع أصحابه فحاربهم أياما كثيرة لا يفتر من حربهم. فسألوه الأمان فأعطاهم، وإذا رسل توفيل أتوا إلى المأمون بهرقلة يطلبون الصلح، فزبرهم المأمون وقال: لا أرى منه شيئا دون أن يسلم إلي جميع بلاد الروم. قال: فرجعت الرسل إلى توفيل فخبروه بما قال المأمون. ولم يزل المأمون حتى فتح (2) أخوه أبو إسحاق (2) اثنين وثلاثين حصنا من حصون الروم. ثم سار بنفسه حتى نزل على حصن يقال له صمله (3) فقاتل أهله حتى فتحه عنوة وسبى من كان فيه من النساء والذرية.
قال: فبينما المأمون كذلك إذ ورد عليه كتاب من الأفشين وكان عامله ببرقة يخبره أنه قد خرج بمصر رجل يقال له عبدوس الفهري. وقد التأم إليه خلق كثير.
قال: فرحل المأمون من بلاد الروم بعساكر يريد بلاد مصر، حتى نزل في موضع يقال له العريش ودعا بأخيه أبي إسحاق فضم إليه جيشا كثيفا وأمره أن يطلب عبدوسا الفهري. فانحاز عبدوس هو وأصحابه إلى ناحية من أرض مصر. قال: وأحدقت به الخيل من كل جانب واشتعلت النار حواليه، فلما نظر إلى ذلك خرج هاربا هو وأصحابه، فأخذ أسيرا ومعه أصحابه، فضرب المأمون عنقه وعنق أصحابه،