ويهواها، فقالت، ما هذا يا أمير المؤمنين؟ قال: أريد الخروج إلى بلاد الروم، فقالت: قتلتني والله يا أمير المؤمنين! ثم أدرت دموعها على خديها، وأنشأت تقول:
سأدعوك (1) دعوة المضطر ربا * يثيب على الدعاء ويستحب لعل الله أن يكفيك حربا * ويجمعنا كما تهوى القلوب قال: فضمها المأمون إلى صدره وأنشأ يقول:
فيا حسنها إذ يغسل الدمع كحلها * وإذ هي تذري الدمع عنها الأنامل عشية قالت: يا حبيبتي قتلتني * وقتلي بما قالت هناك تحاول ثم قال: يا مسرور! احفظها وتعهدها إلى حين رجوعي، فلولا قول الأخطل حيث يقول:
[قوم -] (2) إذا حاربوا شدوا مآزرهم * دون النساء ولو باتت بأطهار فلولا هذا البيت لأقمت. ثم خرج المأمون من بغداد في عسكر لجب حتى صار إلى الموصل فنزلها حتى تلاحق به الناس. ثم خرج المأمون من الموصل سائرا إلى بلاد الجزيرة حتى صار إلى الرقة إلى قصر أبيه الرشيد. ثم دعا بابنه العباس فضم إليه جيشا وأمره أن يدخل إلى بلاد الروم من ناحية طرسوس (3)، قال: ومضى المأمون حتى دخل بلاد الروم من درب يسمى درب الحرب، فكان أول ما فتح الله على يديه من بلاد الروم مطمورة ويقال لها مأجدة فأعطاهم الأمان، ثم نقلهم عنها إلى طرسوس. ثم سار حتى نزل على قرية يقال لها قرة فحاربه أهلها حربا شديدا، ثم إنهم سألوه الأمان بعد ذلك على أنهم يدفعون إليه نفرا من أسارى المسلمين قد كانوا عندهم محبسين. قال: ثم رحل المأمون عنهم حتى نزل على أخرى يقال لها أرله (4)، فلما قاربها أتاه الخبر أن أهل قرة قد غدروا، فسار إليهم المأمون حتى نزل عليهم، ثم أمر بالمنجنيق فنصب على حصنهم من كل ناحية، وحاربهم حربا شديدا