العباس بن الوليد بن عبد الملك، فضم إليهما جميع من بالشام من المقاتلة وأمرهما بالمسير إلى يزيد بن المهلب (1). قال: فسار العباس بن الوليد في عشرين ألفا من جنود أهل الشام حتى نزل الحيرة حذاء أهل الكوفة، وأقبل مسلمة بن عبد الملك في ثلاثين ألفا حتى نزل الأنبار. وبلغ ذلك يزيد بن المهلب، فجمع أصحابه فخطبهم وقال: يا أهل العراق! إن أهل الشام قد نهضت إليكم في خمسين ألفا فهاتوا آراءكم رحمكم الله! قال: فقام إليه أخوه حبيب بن المهلب، فقال: الرأي عندي أن تخرج من البصرة في جميع أصحابك حتى تصير إلى فارس فتنزلها، ثم تأخذ بالشعاب والعقاب، ثم تدنو من بلاد خراسان فتطاول القوم، فيكون القلاع والحصون في يدك وأهل الجبال معك، فإن سار القوم إليك قاتلتهم واستعنت الله عليهم. قال فقال يزيد: يا أخي! ليس هذا برأي، أتريد أن تجعلني طائرا على رأس جبل، والله ما الرأي عندي إلا مصادمة القوم، لي كانت أم علي.
قال: ثم دعا يزيد بن المهلب بأخيه مروان بن المهلب فاستخلفه على البصرة، ثم نادى في أصحابه وخرج حتى نزل بنهر معقل (2) ومعه الأموال والآلة والسلاح، قال: فضرب عسكره هنالك. قال: وجعل مروان بن المهلب يحث الناس على الخروج إلى أخيه يزيد بن المهلب ويأمرهم أن يلحقوا بعسكره، قال:
وكان الناس يخرجون والحسن البصري يثبط الناس عن الخروج ويقول (3): أيها الناس! الزموا منازلكم وكفوا أيديكم، واتقوا الله ربكم، لا يقتل بعضكم بعضا على دنيا زائلة وطمع فيها يسير ليست لأهلها بباقية. وليس الله عنهم فيما كسبوا براض، واعلموا بأنه لم تكن فتنة قط إلا وأكثر أهلها الخطباء والشعراء والسفهاء وأهل التيه والخيلاء، وليس يسلم منهم إلا الجهول الحقير والمعروف التقي، فمن كان منكم تقيا فليلزم منزله، وليحبس نفسه عما يتنافس فيه الناس من هذه الدنيا الدنية - والسلام.
قال: فبلغ مروان أن الحسن البصري يقول ما يقول ويثبط الناس عن الخروج إلى حرب بني أمية، فقام في الناس خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس! قد بلغني عن هذا الشيخ الضال المرائي بأنه يثبط الناس عنا ويأمرهم