بالأطماع، فإذا ذهبت (1) قوته واستقرت (2) رجاله أمرته بالقدوم عليك، فإن قدم كان الذي تريد، وإن أبى كنت قد تناولته وقد قل جنوده وضعف ركنه. وكان للمأمون بباب الأمين صاحب خبر ينتهي إليه بالاخبار، فكتب إلى المأمون في ذلك كتابا وجعله في عود منقور من أعواد الاكاف مع امرأة، وكانت الامرأة تمضي على المسالح، وقد سد الفضل بن الربيع أفواه الطرق وأن لا يجوزها أحد، فجاءت المرأة إلى صاحب البريد وعرفته، فرفع الخبر إلى المأمون، فأشخص طاهر بن الحسين فيمن ضم إليه من قواده وأجناده، فسار مجدا لا يلوي على أحد حتى ورد الري فنزلها.
ووجه محمد الأمين عصمة بن حماد بن سالم الهمذاني إلى همذان وولاه حرب كور الجبل وأمره أن يقيم بهمذان ويوجه مقدمته إلى ساوة (3)، وأقبل بعد ذلك علي بن عيسى بن ماهان على محمد الأمين فقال: إن أهل خراسان كتبوا إلي أني إن خرجت إليهم أطاعوني وانقادوا إلي، فولاه محمد نهاوند وهمذان والجبل وقم وأصبهان حربها وخراجها. وضم إليه جماعة من القواد، وأمر له بمائتي ألف دينار ولابنه بخمسة آلاف دينار (4)، وأمر له بألفي سيف محلى وستة آلاف ثوب للخلع، فشخص علي بن عيسى في أربعين ألف فارس لحرب المأمون، وذلك في سنة خمس وتسعين ومائة (5)، وحمل معه قيد من فضة ليقيد به المأمون بزعمه، وشخص معه الأمين إلى النهروان حتى روع العسكر وكتب إلى عصمة بالانصراف إلى عند علي بن عيسى بن ماهان.
فلما نزل علي بن عيسى همذان ولى عليها عبد الله بن حميد (6) بن قحطبة، ثم شخص علي بن عيسى يريد الري فسار حتى بلغ الري على تعبئته، فلقيه طاهر بن الحسين في أقل من أربعة آلاف، فحاربه وقتله (7) وقطع رأسه وأرسل به إلى