ثم تقدم مصعب (1) فقال:
أما والله لو تجدين وجدي * لأذهب بالردا عنك السرار فكيف وقد تركت الجسم عبرا * وفي الأحشاء من ذكراك نار تبسم ضاحكا من غير عجب * كلام الليل يمحوه النهار ثم تقدم أبو نواس فقال:
تمادى الحب وانقطع المزار * وجاهرنا فلم يغن الجهار وليلة (2) أقبلت في القصر سكرى * ولكن زين السكر الوقار وهز الريح أردافا ثقالا * وغصنا فيه رمان صغار وقد سقط الردا عن منكبيها * من التهييف واسترخى الإزار فقلت الوعد سيدتي فقالت: كلام الليل يمحوه النهار فقلت الوصل سيدتي فقالت * غدا وإليك في ذاك الخيار فلما أسفر الصبح التقينا * وقد غلب التصبر والقرار فقال محمد الأمين: يا غلام! جرد أبا نواس واضربه خمسمائة سوط، فقال أبو نواس: ولم يا أمير المؤمنين؟ فقال: والله ما كنت إلا ثالثا أو مطلعا علينا!
فقال: والله ما كنت ثالثكم ولا مطلعا عليكم، ولكن علمت مراد أمير المؤمنين فقلته، فقال: يا غلام! أعط أبا نواس عشرة آلاف درهم (3)، واعط الاثنين عشرة آلاف درهم بينهما. ثم أمر فأخرجوا.
ويحكى أن الأمين كان يشرب ذات ليلة على بساط نرجس، وكانت تلك الليلة قد أبدر قمرها وكان الذي يسقيه خادمه كوثر فطرب وقال:
وصف البدر حسن وجهك حتى * خلت أني وما أراك أراكا وإذا ما تنفس النرجس الغ * - ض توهمته نسيم شذاكا ثم أمر الأمين فنودي له في الجند أن أمير المؤمنين قد عزم على الركوب فلا يتخلف أحد له ديوان، فركب الأجناد والكتاب وأصحاب الأقلام والوزراء وأرباب