فقلت للأشعث وهو قاعد بين يديه:
يا عدو الله: أكفرت بعد إسلامك، وارتددت ناكصا على عقبيك. فنظر إلي نظرا علمت أنه يريد أن يكلمني بكلام في نفسه، ثم لقيني بعد ذلك في سكك المدينة فقال لي:
أنت صاحب الكلام يا ابن الخطاب.
فقلت: نعم يا عدو الله. ولك عندي شر من ذلك. فقال:
بئس الجزاء هذا منك.
قلت: وعلام تريد مني حسن الجزاء؟ قال:
لأنفتي (1) لك من اتباع هذا الرجل (2).
والله ما جرأتي على الخلاف عليه إلا تقدمه عليك، وتخلفك عنها، ولو كنت صاحبها لما رأيت مني خلافا عليك.
قلت: لقد كان ذلك فما تأمرني الآن؟! قال:
إنه ليس بوقت أمر، بل وقت صبر، ومضى، ومضيت.
ولقي الأشعث الزبرقان بن بدر فذكر له ما جرى بيني، وبينه فنقل ذلك إلى أبي بكر فأرسل إلي بعتاب مؤلم. فأرسلت إليه:
أما والله لتكفن، أو لأقولن كلمة بالغة بي، وبك في الناس تحملها الركبان حيث ساروا، وإن شئت استدمنا ما نحن فيه عفوا، فقال: