من أين جئتما؟ فقلنا: خرجنا نريدك يا أمير المؤمنين. فأتينا رحلك.
فقيل لنا خرج إلى المسجد فاتبعناك. فقال: أتبعكما الخير.
ثم نظر المغيرة إلي وتبسم فرمقه عمر فقال: فيم تبسمت أيها العبد.
فقال: من حديث كنت أنا وأبو موسى فيه آنفا في طريقنا إليك قال:
وما ذاك الحديث؟ فقصصنا عليه الخبر حتى بلغنا ذكر حسد قريش، وذكر من أراد صرف أبي بكر عن استخلاف عمر. فتنفس الصعداء ثم قال:
ثكلتك أمك يا مغيرة، وما تسعة أعشار الحسد، بل وتسعة أعشار العشر، وفي الناس كلهم عشر العشر بل وقريش شركاؤهم أيضا فيه، وسكت مليا وهو يتهادى بيننا ثم قال:
ألا أخبركما بأحسد قريش كلها؟ قلنا: بلى يا أمير المؤمنين.
قال: وعليكما ثيابكما. قلنا: نعم. قال:
وكيف بذلك، وأنت ملبسان ثيابكما.
قلنا: يا أمير المؤمنين، وما بال الثياب؟ قال: خوف الإذاعة منها.
قلنا: له. أتخاف الإذاعة من الثياب أنت؟ وأنت من ملبس الثياب أخوف. وما الثياب أردت؟! قال: هو ذاك. ثم انطلق، وانطلقنا معه حتى انتهينا إلى رحله فخلى أيدينا من يده ثم قال: لا تريما. ودخل.
فقلت للمغيرة: لا أبا لك لقد آثرنا بكلامنا معه، وما كنا فيه، وما نراه حسبنا إلا ليذاكرنا إياها. قال: فإنا لكذلك إذا أخرج إذنه الينا فقال: أدخلا.
فدخلنا. فوجدناه مستلقيا على برذعة برحل. فلما رآنا تمثل بقول كعب بن زهير: