أخرج الطبري عن محمد وطلحة والمهلب وعمرو وسعيد، قالوا:
لما أجمعوا أن يضعوا بنيان الكوفة، أرسل سعد إلى أبي الهياج فأخبره بكتاب عمر في الطرق، أنه أمر بالمناهج أربعين ذراعا، وما يليها ثلاثين ذراعا، وبين ذلك عشرين، وبالأزقة سبعة أذرع، ليس دون ذلك شيء، وفي القطائع ستين ذراعا إلا الذي لبني ضبة. فاجتمع أهل الرأي للتقدير حتى إذا أقاموا على شيء قسم أبو الهياج عليه، فأول شيء خط بالكوفة وبني حين عزموا على بناء المسجد، فوضع أصحاب الصابون والتمارين من السوق فاختطوه، ثم قام رجل في وسطه، رام شديد النزع، فرمى عن يمينه فأمر من شاء أن يبني وراء لا سهمين، فترك المسجد في مربعة غلوة من كل جوانبه، وبنى ظلة في مقدمه، ليست لها مجنبات ولا مواخير، والمربعة لاجتماع الناس لئلا يزدحموا.
وكذلك كانت المساجد ما خلا المسجد الحرام، فكانوا لا يشبهون به المساجد تعظيما لحرمته، وكانت ظلته مئتي ذراع على أساطين رخام للأكاسرة، سماؤها كأسمية الكنائس الرومية.
وأعلموا على الصحن بخندق لئلا يقتحمه أحد ببنيان.
وبنوا لسعد (1) دارا بحياله بينهما طريق منقب مئتي ذراع.
وجعل فيها بيوت الأموال، وهي قصر الكوفة اليوم.
بنى ذلك له روز به من آجر بنيان الأكاسرة بالحيرة، ونهج في الودعة