بقيت الحروف الشفوية والحلقية، وربما دفع بأن بقائها مع ذهاب النطق إنما معناه بقاء إمكان تأديتها أو تأدية بعضها مع تعذر تأدية كلام مفهوم، فذهاب النطق بمعنى ذهاب الكلام.
ومحصل الكلامين أنه لو جنى على لسانه فلم يكن له كلام مفهوم فالدية وإن أمكنه النطق ببعض الحروف بحيث لا يتألف كلام مفهوم. وإن نقص كلامه فلا يقدر على بعضه وزعت الدية على جميع الحروف. فلو قدر على كلام مفهوم مؤلف من الحلقية أو الشفوية أو منهما خاصة كان كالقادر على كلام مفهوم من اللينة، لكن فيه لا اختصاص على هذا للشفوية والحلقية بالذكر فإنه ينبغي لزوم الدية وإن أمكنه تأدية بعض السينة أيضا لا بحيث يتألف كلام مفهوم، وأيضا لا إشارة في شئ من النصوص إلى اعتبار الكلام المفهوم بل ظاهرها أو صريحها خلافه، وأن المدار على نفس الحروف، فالمتجه جعل المدار على ذلك وأنه لا تجب الدية كاملة إلا مع ذهاب النطق بها من رأس.
بل الظاهر مراعاتها أيضا لو كان قبل الجناية لا ينطق ببعض الحروف فلما جنى عليه ذهب نطقه رأسا فتنقص الدية حينئذ بالحساب، لظاهر النصوص المزبورة وإن استشكل فيه الفاضل في القواعد، من ذلك ومن صدق ذهاب النطق بتمامه وهو منفعة كسائر المنافع، ولأنه كضعف السمع والبصر واليد ونحوها، وفيه وضوح الفرق ضرورة ورود النصوص هنا بالتوزيع على الحروف بخلافها، على أنه يمكن منع صدق ذهاب النطق بالجناية مع فرض ذهاب بعضه سابقا، وربما احتمل الفرق بين الذهاب بآفة سماوية وبين الذهاب بجناية جان فتجب الدية في الأول وتوزع في الثاني.
وفيه أنه خلاف ظاهر النصوص أيضا، بل والفتاوى، وفي الإرشاد ما يشهد بما ذكرنا في الجملة قال: " وفي النطق كمال الدية وإن بقي في اللسان فائدة الذوق، ولو بقت الشفوية والحلقية يسقط من الدية بنسبتها وكذا لو بقي غيرها " (1) بل