أنها مكيدة، فلما ظهر أنها هزيمة استدركوا الأمر ووضعوا السيف فما يحصى من قتلوا؛ وقتل هارون أمير العسكر، وفتح أبو عبد الله مدينة تيجس صلحا فاشتد الأمر حينئذ على زيادة الله وأخرج الأموال وجيش الجيوش وخرج بنفسه إلى محاربة أبي عبد الله فوصل إلى الأربس في سنة خمس وتسعين ومائتين، فقال له وجوه دولته إنك تغرر بنفسك فإن يكن عليك لا يبقى لنا ملجأ والرأي أن ترجع إلى مستقر ملكك وترسل الجيوش مع من تثق إليه فإن كان الفتح لنا فنصل إليك وإن كان غير ذلك فتكون ملجأ لنا.
ورجع ففعل ذلك وسير الجيش وقدم عليه رجلا من بني عمه يقال له إبراهيم بن أبي الأغلب وكان شجاعا وبلغ أبا عبد الله الخبر وكان أهل باغاية قد كاتبوه بالطاعة فسار إليهم فلما قرب منها هرب عاملها إلى الأربس فدخلها أبو عبد الله وترك بها جندا وعاد إلى إنكجان، ووصل الخبر إلى زيادة الله فزاده غما وحزنا فقال له إنسان كان يضحكه يا مولانا لقد عملت شعرا فعسى تجعل من يلحنه وتشرب عليه وأترك هذا الحزن؛ فقال ما هو فقال المضحك للمغنين غنوا شعر كذا وقولوا بغد فراغ كل بيت:
(اشرب واسقينا * من القرب يكفينا)