فأخذوا بعض متاعه، وكانت عنده كتب وملاحم لآبائه فأخذت فعظم أمرها عليه فيقال إنه لما خرج ابنه أبو القاسم في المرة الأولى إلى الديار المصرية أخذها من ذلك المكان.
وانتهى المهدي وولده إلى مدينة طرابلس، وتفرق من صحبه من التجار، وكان في صحبته أبو العباس أخو أبي عبد الله الشيعي فقدمه المهدي إلى القيروان ببعض ما معه وأمره أن يلحق بكتامة. فلما وصل أبو العباس إلى القيروان وجد الخبر قد سبقه إلى زيادة الله بخبر المهدي فسأل عنه رفقته فأخبروا أنه تخلف بطرابلس وأن صاحبه أبا العباس بالقيروان فأخذ أبو العباس وقرر فأنكر وقال إنما أنا رجل تاجر صحبت رجلا في القفل فحبسه.
وسمع المهدي فسار إلى قسطيلة، ووصل كتاب زيادة الله إلى عامل طرابلس بأخذه وكان المهدي قد أهدى له واجتمع به فكتب العامل يخبره أنه قد سار ولم يدركه، فلما وصل المهدي إلى قسطيلة ترك قصد أبي عبد الله الشيعي لأن أخاه أبا العباس كان قد أخذ، فعلم أنه إذا قصد أخاه تحققوا الأمر وقتلوه فتركه وسار إلى سجلماسة، ولما سار من قسطيلة وصل الرسل في طلبه فلم يوجد ووصل إلى سجلماسة فأقام بها وفي كل ذلك عليه العيون في طريقه.
وكان صاحب سجلماسة رجلا يسمى اليسع بن مدرار فأهدى له المهدي وواصله فقربه اليسع وأحبه فأتاه كتاب زيادة الله يعرفه أنه الرجل الذي يدعو إليه أبو عبد الله الشيعي فقبض عليه وحبسه، فلم يزل محبوسا حتى أخرجه أبو عبد الله الشيعي على ما نذكره.