وكان بعض خاصة عيسى متشيعا بالانصراف فخرج من مصر مع أصحابه ومعه أموال كثيرة فأوسع النفقة على صحبه فأخبر المهدي وأشار عليه فلما وصل الكتاب إلى النوشري فرق الرسل في طلب المهدي وخرج بنفسه فلحقه فلما رآه لم يشك فيه فقبض عليه ونزل ببستان ووكل به فلما حضر الطعام دعاه ليأكل فأعلمه أنه صائم فرق له وقال له أعلمني بحقيقة حالك حتى أطلقك فخوفه بالله تعالى وأنكر حاله ولم يزل يخوفه ويتلطفه فأطلقه وخلى سبيله، وأراد أن يرسل معه من يوصله إلى رفقته فقال لا حاجة لي في ذلك ودعا له.
وقيل: أنه أعطاه في الباطن مالا حتى أطلقه فرجع بعض أصحاب النوشري عليه باللوم فندم على إطلاقه وأراد إرسال الجيش وراءه ليردوه، وكان المهدي لما لحق أصحابه رأى ابنه أبا القاسم قد ضيع كلبا كان له يصيد به وهو يبكي عليه فعرفه عبيده أنهم تركوه في البستان الذي كانوا فيه، فرجع المهدي بسبب الكلب حتى دخل البستان ومعه عبيده فرآهم النوشري فسأل عنهم فقيل إنه فلان، وقد عاد بسبب كذا وكذا؛ فقال النوشري لأصحابه قبحكم الله أردتم أن تحملوني على قتل هذا حتى آخذه فلو كان يطلب ما قال أو كان مريبا لكان يطوي المراحل ويخفي نفسه ولا كان رجع في طلب كلب؛ وتركه.
وجد المهدي في الهرب فلحقه لصوص بموضع يقال له الطاحونة،