ووعدهم أن يقاتل عنهم ويحمي حريمهم وبلدهم وطلب منهم المساعدة بالسمع والطاعة والأموال فقالوا: إنما نحن فقهاء وعامة وتجار وما في أموالنا ما يبلغ غرضك وليس لنا بالقتال طاقة؛ فأمرهم بالانصراف، فلما خرجوا من عنده وأعلموا الناس بما قاله صاحوا به أخرج عنا فما لك عندنا سمع ولا طاعة وشتموه فخرج عنهم وهم يرجمونه.
ولما بلغ أبا عبد الله هرب زيادة الله كان بناحية سبيبة ورحل فنزل بوادي النمل وقدم بين يديه عروبة بن يوسف، وحسن بن أبي خنزير في ألف فارس إلى رقادة فوجدوا الناس ينهبون ما بقي من الأمتعة والأثاث فأمنوهم ولم يتعرضوا لأحد، وتركوا لكل واحد ما حمله فأتى الناس إلى القيروان فأخبروه الخبر ففرح أهلها.
وخرج الفقهاء ووجوه البلد إلى لقاء أبي عبد الله فلقوه وسلموا عليه وهنأوه بالفتح فرد عليهم ردا حسنا، وحدثهم وأعطاهم الأمان فأعجبهم ذلك وسرهم، وذموا زيادة الله وذكروا مساويه فقال لهم ما كان إلا قويا وله منعة ودولة شامخة وما قصر في مدافعته ولكن أمر الله لا يعاند ولا يدافع فأمسكوا عن الكلام ورجعوا إلى القيروان.
ودخل رقادة يوم السبت مستهل رجب من سنة ست وتسعين ومائتين فنزل ببعض قصورها وفرق دورها على كتامة ولم يكن بقي أحد من أهلها فيها وأمر فنودي بالأمان فرجع الناس إلى أوطانهم وأخرج العمال إلى البلاد وطلب أهل الشر فقتلهم، وأمر أن يجمع ما كان لزيادة الله