الحيض ونحوه، فالتمكين التام في الشرع هو التمكين في غير هذه الأحوال، بخلاف حال صغرها، فإن استثناءه غير معلوم، والأصل البراءة من النفقة ".
وفي المسالك " أنه لا يتحقق التمكين من الصغيرة سواء مكنت منه أم لا، لتحريم وطئها شرعا وعدم قبولها لذلك، وبهذا يفرق بينها وبين الحائض، على أن الاستمتاع بالحائض ممكن حتى بالوطء على بعض الوجوه، بخلاف الصغيرة، فلا يجب على الزوج الانفاق عليها ولا على وليه لو كان صغيرا، لفقد الشرط، والمعتبر في الصغير هنا من لا يصلح للجماع ولا يتأتي منه ولا يلتذ به، وبالكبير من يتأتي منه ذلك، لا ما يتعلق بالتكليف وعدمه، فالمراهق كبير هنا، ومحل الكلام فيما إذا عرضت الصغيرة نفسها أو وليها، أما بدونه فلا مجال للبحث كالكبيرة، إلا إذا جعلنا الموجب العقد وحده ".
قلت: هذا أقصى ما ذكروه في المقام، وفيه منع عدم صدق اسم التمكين منها مع فرض بذل نفسها نحو الكبيرة، وحرمة وطئها لا مدخلية لها في صدق اسم التمكين منها المتحقق عند المصنف برفع المانع من جهتها كما تسمعه، وخصوصا في المراهقة مع كبر الزوج أو كونه مراهقا على ما هو مقتضي إطلاق المتن وغيره الصغير المعلوم إرادة ما قبل البلوغ منه على وجه يندرج فيه المراهق، وما سمعته من ثاني الشهيدين في تفسيره مجرد اقتراح لا شاهد له من كلماتهم، وكأن الذي دعاه إلى ذلك أنه لا وجه لعدم كونه تمكينا من المراهقة.
كل ذلك مضافا إلى ما سمعته من عدم دليل على شرطية التمكين بحيث يتفرع عليها ذلك، ولعله لذا قال ابن إدريس بوجوب النفقة لها إلا إذا كان الزوج صغيرا، مع قوله بكون التمكن شرطا على ما حكي عنه، وربما كان وجهه أنه يخص اشتراطه في ذات التمكين، أي الكبيرة المطلوب منها ذلك، بخلاف محل الفرض التي تبقى على إطلاق ما دل على النفقة، وأنها لا تسقط إلا بالنشوز المعلوم عدمه هنا، نعم لو كان الزوج صغيرا لم يكن لها نفقة، لعدم وجوب شئ عليه، ولا عبرة بتسلمه ولا تسلم الولي فإن تسليم الزوجة منوط بالشهوة.