ففي خبر السكوني (1) عن أبي عبد الله عليه السلام " لا تحلقوا الصبيان القنزع، والقنزع أن تحلق موضعا وتترك موضعا " قيل: وفي بعض النسخ " لا تحلقوا الصبيان " بالخاء المعجمة والفاء، والمراد بها حينئذ واضح، كما أن المراد على الأول بتقدير مضاف أي حلق القزع، وأصل القزع بالتحريك: قطع من السحاب، الواحد قزعة، وسمي حلق بعض الرأس وترك بعضه في مواضع متعددة بذلك تشبيها بقطع السحاب المتفرقة، ويقال: القنازع الواحد قنزعة بضم القاف والزاء وفتحهما وكسرهما.
وعلى كل حال فلا ريب في الكراهة، بل في خبر السكوني (2) عن أبي عبد الله عليه السلام " أنه أتى النبي صلى الله عليه وآله بصبي يدعو له وله قنازع، فأبى أن يدعو له، وأمر أن يحلق رأسه " لكن قد ينافي ذلك ما روي من ثبوت ذلك للحسن والحسين عليهما السلام قال ابن خالد (3): " سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن التهنئة بالولد متى؟ قال:
إنه لما ولد الحسن بن علي عليهما السلام هبط جبرئيل على النبي صلى الله عليه وآله بالتهنئة في اليوم السابع، وأمره أن يسميه ويكنيه ويحلق رأسه ويعق عنه ويثقب أذنه، وكذلك كان حين ولد الحسين عليه السلام، فأمره بمثل ذلك، قال وكان لهما ذؤابتان في القرن الأيسر وكان الثقب في الإذن اليمنى في شحمة الأذن، وفي اليسرى في أعلى الإذن، والقرط في اليمنى، والشنف في اليسرى " وفي الكافي روى (4) " أن النبي صلى الله عليه وآله ترك لهما ذوابتين في وسط الرأس ".
وربما قيل بأن ما دل على الكراهة مخصوص بما إذا كان ما يترك بغير حلق في مواضع متفرقة لا في موضع واحد، لظهور كلام أهل اللغة في اختصاص القزع بذلك، ففي نهاية ابن الأثير " في الحديث (5) " نهى عن القنازع " وهو أن يأخذ بعض الشعر ويترك منه مواضع متفرقة كالقزع " ونحوه عن القاموس، وفيه أنه مناف لما رواه القداح (6) عن أبي عبد الله عليه السلام " أنه كان يكره القزع في رؤوس