كانت مؤامرة مدبرة!!
قبل أن نفرغ من هذا الفصل نتحدث في سطور قليلة عن تلك المؤامرة التي دبروها ضد على رضي الله عنه لكي يقضوا عليه، وينقلوا الامر إلى حكم أموي مبلى.
ذلك أنهم - لكي يسوغوا خروجهم على على رضي الله عنه - ادعو أنه قد غض طرفه عن قتلة عثمان فلم يقتص منهم! وكانت عائشة (أم المؤمنين) أشد الناس عداوة له وأقواهم تحريضا عليه - وكان منها ما كان مما بيناه من قبل - على حين أنها كانت تقول في وجه عثمان. عندما وقع منه ما وقع مما أغضب المسلمين: " اقتلوا نعثلا فقد كفر "، وكانت تخرج قميص النبي صلى الله عليه وآله وتنشره بين يديها وتقول: " إن دينه قد بلى ولم يبل قميصه "! كما بينا ذلك آنفا.
ولكن ما كاد على يفارق هذه الحياة، حتى تولاها الصمت وسكتت عن الطلب بدم عثمان - وقد كان عليها إذا كانت صادقة في دعواها، أن لا تفتر عن مطلبها حتى يتحقق، ولكنها لم تطالب معاوية بما كانت تطالب به عليا، وسكتت راضية، وكذلك سكت معاوية بعد أن استوى على عرش الملك، وأصبح قادرا على أن يقتص ممن اعتدوا على عثمان، وهو الذي أثار الحرب في صفين وغيرها من أجل ثأر عثمان! وانصرف إلى سياسة ملكه باللين والمداهنة حتى لا يثور الناس أو يخرجوا عليه.
وكان آل عثمان خاصة يستيقنون أنه لابد آخذ بحقهم! ولكن ضاع يقينهم فتأثروا وحزنوا.
وإذا كان أمر هذه المؤامرة لا يخفى على الناس كافة، فإن معاوية قد فضحها بلسانه، وهاك ما أفضى به لعائشة ابنة عثمان ننشره على الناس تسجيلا لهذه الفضيحة وقد قالوا (الاعتراف سيد الأدلة):
قدم معاوية المدينة فدخل دار عثمان فقالت عائشة ابنة عثمان:
وا أبتاه! وبكت. فقال معاوية: يا ابنة أخي، إن الناس أعطونا طاعة